وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: "صادقت الهيئة العامة للكنيست، مساء اليوم (الاثنين)، بالقراءتين الثانية والثالثة، على قانونين يقضيان بوقف أنشطة أونروا في إسرائيل"، ويتطلب أي مشروع قانون التصويت عليه من الكنيست بثلاث قراءات ليصبح قانوناً نافذاً.
وصوّت 92 نائباً (من أصل 120 بالكنيست) لصالح مشروعي قانون حظر أنشطة أونروا في إسرائيل مقابل 10 عارضوهما، وفق المصدر ذاته.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، إن القرار الصادر عن الكنيست الإسرائيلي بحظر أنشطتنا "غير مسبوق، ويشكّل سابقة خطيرة، ويعارض ميثاق الأمم المتحدة".
وعدَّ حظر خدمات الوكالة "عقاباً جماعياً"، لأنه قرار سيؤدي إلى "تعميق معاناة الفلسطينيين، خصوصاً في قطاع غزة، حيث يعيش الناس أكثر من سنة من الجحيم".
وشدد لازاريني على أن "حظر خدمات أونروا لن يحرم الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، حيث إن هذا الوضع محميٌّ بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يجري التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم".
ما الذي يعنيه القرار؟
وفق صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن القوانين الحالية جاءت نتيجة دمج ثلاثة مشاريع قوانين، قدمها رون كاتس، من حزب يش عتيد، ودان إيلوز، من حزب الليكود، ويوليا مالينفوسكي، من حزب إسرائيل بيتنا، إلى جانب مشرعين آخرين. وجرى تخفيف الجزء الذي يستند إلى مشروع قانون مالينفوسكي، والذي سعى إلى إعلان أونروا منظمة إرهابية، بشكل كبير في مواجهة العقبات القانونية.
ويحظر القانون الأول عمل أونروا في القدس المحتلة، والثاني يسحب امتيازات ويرفع حصانات موظفي أونروا.
ويوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومسؤول دائرة اللاجئين فيها أحمد أبو هولي، في حديث له مع وكالة وفا، تبعات القرار قائلاً: "ذلك يعني سحب امتيازات أونروا، وعدم التعاطي مع المؤسسة، وإغلاق مقراتها، وسحب تصاريح موظفيها، وتجميد حساباتهم المصرفية".
ويضيف أبو هولي أن ذلك "سيترك أثراً مباشراً في المقام الأول في مركز الوكالة بحي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وما تديره من مدارس وعيادات وما تقدمه من خدمات لـ200 ألف لاجئ فلسطيني في المدينة ومحيطها (مخيمي شعفاط وقلنديا وسلوان والزاوية الهندية)".
وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن أثر هذه القوانين "لن يقتصر على القدس، بل سيمتد على المدى البعيد ليطول ما تقدمه الوكالة من خدمات في 19 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما يهدد مستقبل التعليم والخدمات الصحية والمجتمعية والبنى التحتية".
ومن أهم آثار القوانين الإسرائيلية الجديدة إلغاء الاتفاقية الناتجة عن "رسائل كوماي" لعام 1967 بين أونروا وإسرائيل، التي وفَّرت البنية القانونية والسياسية لعمل أونروا في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد احتلالهما من جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.
خطة تفكيك أونروا
وفي شهر مارس/آذار الماضي قدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، خطة لتفكيك أونروا بالكامل في قطاع غزة والضفة الغربية، بعد أن بدأت السلطات الإسرائيلية حملة إعلامية في الداخل والخارج لتشويه سمعة المنظمة الدولية.
سبق ذلك تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمام سفراء الدول الأوروبية في شهر فبراير/شباط الماضي قال فيها إن "مهمة أونروا يجب أن تنتهي". في حين أكد وزير الخارجية يسرائيل كاتس، أن المنظمة الدولية لن تكون " جزءاً من ترتيبات اليوم التالي للحرب في غزة".
حملة حكومة الاحتلال لتفكيك أونروا امتدت إلى الجانب المالي، فخلال شهر فبراير/شباط الماضي، قرر بنك "لئومي" الإسرائيلي، تجميد حساب أونروا، وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن البنك (خاص تمتلك إسرائيل 14 في المئة من أسهمه)، "اتخذ هذا القرار غير المعتاد في أعقاب التقارير التي تحدثت عن تورط أونروا في الهجوم ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
هذا القرار جاء بعد أقل من شهر من قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقفاً "مؤقتاً" لتمويل أونروا، أقره لاحقاً الكونغرس الأمريكي ليمتد لعام واحد. وتُعد الولايات المتحدة أكبر مانح لأونروا، إذ تقدم ما بين 300 و400 مليون دولار سنوياً.
وعمل الاحتلال الإسرائيلي خلال مساعيه لتفكيك أونروا على إيجاد بديل لها، وهذا ما بحثته الحكومة الإسرائيلية في شهر فبراير/شباط الماضي وفقاً لصحيفة هآرتس العبرية، التي أشارت إلى أنه جرت دراسة إمكانية اعتماد برنامج الغذاء العالمي ليكون بديلاً عن المنظمة في توزيع المساعدات الإنسانية.
وهذا ما يظهر في قطاع غزة خلال الفترة الأخيرة؛ فبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة هو من يُدخل أغلب المساعدات الغذائية إلى غزة، كما تشرف منظمة الصحة العالمية على ملف المساعدات الطبية، أي إن ما تسعى إليه حكومة الاحتلال هو توزيع الوظائف التي تؤديها أونروا على المنظمات الدولية الأخرى.
وتناول بعض التقارير إمكانية دمج صلاحيات أونروا مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وفي هذا الإطار قال أحمد أبو هولي إن هذا الإجراء يعني فقدان قضية اللاجئين الفلسطينيين "بُعدها القانوني، فكل اللاجئين في العالم يمكن أن يعودوا إلى أوطانهم في أي لحظة، لكن بالنسبة إلى الفلسطينيين فإن إسرائيل ترفض عودة أي لاجئ إلى بيته أو بلدته، وبالتالي تريد دمجهم في إطارٍ أممي آخر مسؤول عن 100 مليون في العالم، لجعلهم أرقاماً ليست لهم حقوق قانونية ولا سياسية ولا خدماتية".
وفي شهر أغسطس/آب الماضي كشفت وكالة أونروا عن استشهاد 205 أفراد من العاملين في الإغاثة الإنسانية على يد القوات الإسرائيلية في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. فيما وصل عدد موظفي الوكالة الشهداء حتى شهر يونيو/حزيران الماضي إلى 188 شخصاً.