​​في الجيش ومجلس الحرب.. ما وراء موجة الاستقالات في إسرائيل؟
أعلن عضو مجلس الحرب وزعيم حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس، أمس الأحد، الانسحاب من حكومة الطوارئ الإسرائيلية والدعوة إلى انتخابات مبكرة. وأسوة بغانتس أعلن رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت والوزير حيلي تروبير الاستقالة من الحكومة ذاتها.
بيني غانتس خلال إعلان استقالته من حكومة الطوارئ الإسرائيلية / صورة: Reuters (Reuters)

وجاءت استقالة غانتس بعد مهلة منحها لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في 25 مايو/أيار الماضي للحسم في 6 نقاط تتصل بإدارة الحرب في غزة والمشهد السياسي الداخلي، رفض نتنياهو تنفيذ أي من هذه المطالب.

وقال نتنياهو، في منشور عبر منصة إكس: "تخوض إسرائيل حرباً وجودية على عدة جبهات، يا بيني (غانتس)، هذا ليس الوقت المناسب للتخلي عن الحملة، بل هذا هو الوقت المناسب لتوحيد القوى".

وعلى الصعيد ذاته، طالب وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، نتنياهو بالانضمام إلى مجلس الحرب، بعد استقالة غانتس.

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تشكيل "حكومة الطوارئ" أفرزت مجلساً مصغراً للحرب، يضم رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر بالإضافة إلى كل من غانتس، وآيزنكوت.

وفي السياق ذاته أعلن قائد فرقة غزة آفي روزنفيلد الاستقالة من الجيش الإسرائيلي على خلفية الإخفاق في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ومن المقرر أن يتولى العميد باراك حيرام قائد الفرقة 99 قيادة فرقة غزة بدلاً من روزنفيلد.

مستقبل الحكومة

يمتلك تحالف "معسكر الدولة" الذي يتكون من تحالف غانتس وآيزنكوت 12 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي، بينما يملك التحالف اليميني الذي تقوم عليه حكومة إسرائيل 64 مقعداً من أصل 120 مقعداً، ما يتيح لنتنياهو ائتلافه الاستمرار في الحكومة.

وعلى الرغم من الاستقرار النسبي لحكومة نتنياهو من حيث عدد النواب في الكنيست إلا أنها ستعاني إشكالية أخرى ترتبط بالدور الذي كان يوفره غانتس وآيزنكوت على مستوى صورة الحكومة وشرعيتها الدولية والشعبية.

وفي هذا السياق يرى الباحث والكاتب في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور في حديث سابق مع TRT عربي أن "انسحاب غانتس سوف يضع الحكومة في مأزق، صحيح أنها ستكون مستقرة من حيث العدد بوجود 64 مقعداً في الكنيست لكنها ستعاني من مشكلة الشرعية الشعبية والدولية وكونها منبوذة، هذا سوف يضعها في معضلة".

بدوره قال المختص في الشأن الإسرائيلي، صلاح العواودة، في حديث له مع TRT عربي إن "انسحاب غانتس لا يمكنه أن يعجّل في إسقاط الحكومة، لكن يعيد الأزمة إلى شكلها الذي كان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو تحالف معارضة واسع ضد نتنياهو."

فقدان الوجه الغربي المقبول

وفّر وجود غانتس وآيزنكوت في مجلس الحرب وضمن عملية صنع القرار في إسرائيل شرعية دولية لحكومة نتنياهو وإدارته للحرب، وبعد انسحابهم من حكومة الطوارئ فمن المتوقع أن ينعكس ذلك على الحكومة ونظرة المجتمع الدولي لها.

ونقلت صحيفة هآرتس العبرية عن مصادر دبلوماسية غربية "أن مشاركة غانتس وآيزنكوت في عملية صنع القرار منذ الأسبوع الأول للحرب، ساعدت إسرائيل على صد بعض الضغوط الدولية التي مورست عليها، وساعدت في إقناع الدول الأوروبية ذات النفوذ بعدم اتخاذ موقف أكثر عقابية ضدها".

وأضاف: "لن ننخرط في السياسة الإسرائيلية الداخلية على هذا المستوى، ولكن ليس هناك شك في أنه بالنسبة للحكومات الغربية الداعمة لإسرائيل، سيكون من الصعب الآن الاستمرار في هذا الدعم".

وقال دبلوماسي آخر رفيع المستوى لصحيفة "هآرتس" إنه طالما كان الجنرالان السابقان جزءاً من حكومة الحرب، "كنا نعرف أن هناك أشخاصاً يمكننا التحدث معهم ونثق في أنهم يقولون لنا الحقيقة، حتى لو لم يكن الأمر سهلاً دائماً".

ووفقاً لدبلوماسي أمريكي تحدث مع الصحيفة الإسرائيلية أن إدارة بايدن اعتبرت غانتس محاوراً مقبولاً لها، فهو الذي أقنع الإدارة الأمريكية بخطة الجيش الإسرائيلي لدخول رفح.

وتعقيباً على جهود وقف إطلاق النار قال أحد الدبلوماسيين للصحيفة نفسها "يدرك الجميع أن هذا سيكون من المستحيل تقريباً تحقيقه في ظل حكومة تعتمد بشكل كامل على المتطرفين". وأضاف: "كان هناك بعض الأمل في الأسابيع الماضية في أن يسفر خطاب الرئيس بايدن عن نتائج، لكن من الواضح الآن أنه فشل".

إدارة الحرب

أدارت الحكومة الإسرائيلية الحرب على قطاع غزة من خلال ما عرف بـ" مجلس الحرب" الذي ضم نتنياهو ووزراء الدفاع والشؤون الاستراتيجية وآيزنكوت وغانتس.

ووفقاً للكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى في دراسة له نشرت على موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، فإن مجلس الحرب " لا يعتبر مجلساً قانونياً دستورياً، فالمجلس القانوني المخول اتخاذ القرارات العسكرية هو المجلس الوزاري المصغر، وجاء تشكيل مجلس الحرب شرطاً لانضمام حزب المعسكر الرسمي برئاسة بيني غانتس إلى الحكومة".

وخلال عملية تشكيل المجلس جرى استبعاد عدد من الوزراء على رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش.

وعلى الرغم من أن قرارات المجلس لا تعد ملزمة من الناحية القانونية، فإنه "عملياً هو من يدير الحرب، ويقرّ المجلس الوزاري معظم توصيات/قرارات مجلس الحرب".

ورجحت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن يُحل مجلس الحرب، "فتشكيله كان جزءاً من صفقة تشكيل حكومة الطوارئ". وأشارت الصحيفة إلى إمكانية عودة نتنياهو إلى أسلوب عمله السابق الذي بموجبه يُشكل أطراً محددة لصناعة القرار قبل أن تذهب إلى الحكومة المصغرة أو الموسعة لإقناعها بالموافقة عليها.

استقالة جديدة في الجيش

انضم قائد فرقة غزة آفي روزنفيلد إلى قائمة المستقيلين من الجيش الإسرائيلي نتيجة الإخفاق الذي مني به الجيش في حربه على غزة.

وسبق أن استقال اللواء أهارون حاليفا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، كما استقال قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي يهودا فوكس.

ومن المتوقع أن يستمر روزنفيلد في مهامه، حتى تولى العميد باراك حيرام، قيادة فرقة غزة بدلاً من الفرقة 99 التي قادها الأخير، وشارك خلال قيادتها لها في حرب غزة وهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الذي اتُّهم فيه بقتل إسرائيليين بعد أن فتحت قواته النار عليهم في كيبوتس بيري.

الجدير بالذكر أن تولي حيرام لقيادة فرقة غزة كان مقرراً من شهر يوليو/تموز 2023، لكن اندلاع الحرب في غزة أخّر عملية الاستلام والتسليم، وامتدت خدمة روزنفيلد لـ30 سنة في مناصب عدة، أهمها قيادة وحدة شلداغ الخاصة واللواء الشمالي في فرقة غزة.

وفي شهر يناير/كانون الثاني الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي بدء إجراءات تحقيقات داخلية حول إخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وعيّن لجنة ضمّت في صفوفها رئيس الأركان السابق شاؤول موفاز، والرئيس السابق لوكالة الأمن القومي زائيفي باركاش، والقائد السابق لقيادة الجيش الجنوبية سامي ترجمان.

ومن المتوقع أن تشمل موجة الاستقالات مجموعة كبيرة من الضباط من المؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي خاصة، لعل أبرزهم رئيس الأركان الحالي هرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار الذي نقل مقربون منه في شهر يناير/كانون الثاني الماضي عزمه الاستقالة من منصبه.

TRT عربي - وكالات