على رأس أهدافها خنق غزة ومنع المساعدات.. ما حركة الأمر 9 المتطرفة؟
ظهرت حركة "الأمر 9" لأول مرة في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بعد أن تجمّع عشرات المستوطنين الإسرائيليين لمنع شاحنات المساعدات الإنسانية من الوصول إلى قطاع غزة، واستمرت بدعم غير مباشر من الشرطة والجيش وسياسيين إسرائيليين.
خلال اعتداء نشطاء حركة الأمر 9 على شاحنات المساعدات المتجهة إلى غزة / صورة: AA (AA)

"عليهم قطع المساعدات عن غزة، عليهم قطع الغاز عن غزة، عليهم قطع كل شيء، وهذا ما نفعله كل أسبوع".

"كما يقول كتابنا المقدس هذه الأرض لنا، وهي موعدة لنا، لذلك وجبت عليهم المجاعة حتى الموت".

متظاهرون من حركة الأمر 9.

وظفت سلطات الاحتلال منذ اليوم الأول لحربها على قطاع غزة سلاح الحصار والتجويع، أساليب عقاب جماعي بحق المواطنين الفلسطينيين في القطاع، عبر تقليص عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية التي يسمح لها بالدخول إلى قطاع غزة.

وبعد ضغوط دولية أجرت سلطات الاحتلال تشغيلاً جزئياً لمعبر كرم أبو سالم الذي يجمع القطاع مع دولة الاحتلال، ومع بدء دخول شاحنات المساعدات الإنسانية، ظهرت حركة الأمر 9، بعد أن أسسها الزوجان المتطرفان ريعوت ويوسف بن حاييم من مستوطنة نيتفوت.

وعن سبب تسمية الحركة بهذا الاسم، يربط أحد مؤسسيها ذلك بانضمام عدد من جنود الاحتياط الذين جندوا وفقاً للأمر 9 للحركة ونشاطهم فيها. ووفقاً لياسر مناع في مقالة له حول المجموعة نشرها مركز مدار للدراسات الإسرائيلية فإن الأمر 9 أو تساف 9 كما ينطق باللغة العبرية "يشير إلى الأمر الخاص بالتجنيد الفوري لجنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي وفقاً لقانون خدمة الاحتياط".

منظمة يمينية متطرفة

وعلى الرغم من أن نشاط الحركة تراجع في الأسابيع الأخيرة، فإن مصادر إعلامية عبرية أشارت إلى أن الحركة أجرت في الفترة الأخيرة مجموعة من الاجتماعات والتجهيزات للعودة إلى الاحتجاج مجدداً سواء في مواجهة الشاحنات أم عبر نشاط وكالة " الأونروا".

وتوسع نشاط الحركة في الشهور الخمسة الأولى من السنة، بعد أن نظمت فاعليات أسبوعية أمام معبر كرم أبو سالم وفي الطرق المؤدية إلى قطاع غزة، وبلغت الفاعليات ذروتها في شهر مايو/أيار الماضي الذي شهد تخريب ومنع عدد من القوافل الإنسانية. وإلى جوار اعتراض شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة تنشط الحراك في محاربة منظمة "الأونروا" ونزع الشرعية عنها، وفقاً لما ذكره موقعها الرسمي.

ويسعى مؤسسوها إلى تقديم الحركة منظمة بعيدة عن الانقسام السياسي والأيديولوجي القائم في إسرائيل، وفي هذا الصدد قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن "الحركة تحاول الترويج لنفسها باعتبارها مجموعة تتألف من عائلات المحتجزين، وجنود الاحتياط في الجيش، وسكان الجنوب، لكن الممارسة العملية تُظهر أن معظم المحتجين من الناشطين اليمينيين المتطرفين المعروفين من مستوطنات الضفة الغربية الذين يصلون إما بالحافلات أو بالسيارات".

ولا يقتصر الأمر على النشطاء والخلفيات الأيديولوجية للنشطاء بل يمتد إلى المنظمات التي تشارك في فاعليات الحركة والتي تنتمي إلى اليمين المتطرف أيضاً، فقد سبق وأن شاركت في منظمات "إم ترتسو" و"ناحالا" و"شعب إسرائيل يعود إلى غزة" اليمينة المتطرفة في فاعليات للحركة.

كما ألف الحاخام شموئيل إلياهو شاليتا، كبير حاخامات صفد صلاة توراتية للحركة وعناصرها يتلوها في أثناء عملية اعتراض شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة.

تواطؤ الشرطة والجيش

تباين موقف الجيش والشرطة الإسرائيلية في التعامل مع نشطاء الحركة وفاعلياتها، ففي بداية الأمر أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم والمنطقة المحيطة به منطقة عسكرية يمنع الحضور فيها، ونشر قوة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية، لكن هذه الإجراءات فشلت في تحقيق أي نتائج.

هذا الأمر دفع جيش الاحتلال للاستعانة بالشرطة الإسرائيلية التي تخضع لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي يشارك عناصره بفاعلية في نشاطات الحركة، ما أدى إلى تساهل الشرطة الإسرائيلية وعدم قيامها بأي دور لمنع الاعتداء على شاحنات المساعدات.

فبعد أن اعتقلت سلطات الاحتلال عناصر من الحركة اعتدوا على شاحنة إسرائيلية اعتقاداً منهم أنها تنقل المساعدات إلى غزة ليتبين لاحقاً أنها شاحنة تجارية إسرائيلية، دافع اليميني المتطرف بن غفير عن عناصر الحركة داعياً إلى أن "توقف الحكومة نفسها شاحنات المساعدات إلى غزة بدلاً من تركها لمجموعات من الناشطين".

وامتد نشاط الحركة لاحقاً ليشمل مناطق أخرى غير معبر كرم أبو سالم القريب إلى منطقة العمليات العسكرية في غزة، فجرى اعتراض الشاحنات القادمة من الأردن على الحواجز المؤدية إلى غزة.

وساعد عناصر في الجيش والشرطة أفراد الحركة في تحديد مسارات وموقع الشاحنات، إذ قالت المتحدثة باسم المجموعة راشيل تويتو في حديث مع صحيفة الغارديان البريطانية "إن المستوطنين الذين يعترضون الإمدادات الإنسانية إلى القطاع يتلقون معلومات حول موقع شاحنات المساعدات من أفراد الشرطة والجيش الإسرائيليين".

وأكد الأمر للصحيفة سائق شاحنة لنقل المساعدات الإنسانية لغزة يسمى يزيد الزعبي، كان تعرض لهجوم من المستوطنين قائلاً: "هناك تعاون كامل بين المستوطنين والجيش(..) كان الجيش في خدمة المستوطنين".

عقوبات أمريكية وأوروبية

وفي شهر فبراير/شباط الماضي اضطر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني لإلغاء زيارته إلى معبر كرم أبو سالم لتفقد عملية مرور المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد أن عرقل عناصر حركة الأمر 9 حركة شاحنات المساعدات.

ومع تصاعد نشاط الحركة والهجوم على شاحنات المساعدات في مايو/أيار الماضي، بدأت وزارة الخارجية الأمريكية التهديد بفرض عقوبات على الحركة ونشطائها، وهذا ما قامت به بالفعل في 14 يونيو/حزيران الماضي.

وصرح المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر، أن الحكومة الأمريكية "لن تتسامح مع أعمال التخريب والعنف التي تستهدف هذه المساعدات الإنسانية الأساسية، وسنواصل استخدام كل الأدوات المتاحة لنا لتعزيز المساءلة عن أولئك الذين يحاولون ارتكاب مثل هذه الأعمال الشنيعة أو يرتكبونها، ونتوقع ونحث السلطات الإسرائيلية على القيام بالشيء نفسه".

وفي 11 يوليو/تموز الماضي فرضت وزارة الخزانة الأمريكية سلسلة من العقوبات ضد مجموعة من اليمينيين المتطرفين من بينهم نشطاء من حركة "الأمر 9" وتحديداً مؤسستها ريعوت بن حاييم.

وبعد العقوبات الأمريكية، فرض الاتحاد الأوروبي في 15 يوليو/تموز الماضي عقوبات على الحركة ونشطائها، إذ يخضع الأشخاص الخاضعون للعقوبات لتجميد الأصول وحظر التمويل المباشر أو غير المباشر من الاتحاد الأوروبي، كما يخضعون لحظر السفر إلى الاتحاد.

TRT عربي - وكالات