سر الرقم 1111.. هل تحتفظ حماس بجنود إسرائيليين أحياء؟ وهل من صفقة قريبة؟
أعادت تصريحات قائد حماس في غزة قضية الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة إلى الواجهة مجدداً، وكشفت تفاصيل إضافية حول مصير هؤلاء الجنود.. فهل هم أحياء؟
أسرى إسرائيل في غزة.. هل هم أحياء؟ (Reuters)

لم يكن الرقم "1111" الذي جاء في تصريح لقائد حركة حماس في غزة مسيطراً على وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية فحسب، بل كان له صداه الكبير في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي لم تكد تفرغ من الحديث عن الرجل وما أظهره من قوة، مقارنة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه بيني غانتس، خلال الجولة العسكرية الأخيرة.

الاثنين، وبعد ساعات قليلة فقط من زيارة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل إلى قطاع غزة، ظهر السنوار في مؤتمر صحفي قال خلاله: "سجلوا على المقاومة الفلسطينية وحماس وكتائب القسام رقم 1111، وستذكرون هذا الرقم جيداً".

لم يفصح السنوار عن ماهية الرقم ودلالاته، لكن الرقم وبالتزامن مع زيارة كامل الذي جاء غزة قادماً من تل أبيب حيث التقى نتنياهو، يعطي دلالة واضحة بالنسبة إلى مراقبين بأن الحديث يدور عن صفقة تبادل أسرى بين الحركة وإسرائيل، خاصة في الوقت الذي كشفت فيه وسائل إعلام عبرية أن عباس كامل أجرى في إسرائيل مباحثات حول الصفقة.

حراك في إسرائيل.. هل اقتربت الصفقة؟

إلى جانب زيارة كامل، زار وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي القاهرة الأحد، وكتب على حسابه الرسمي في تويتر تغريدة باللغة العبرية قال فيها إنه "سيخوص مباحثات حول الجنود الأسرى لدى حماس"، لكن أشكنازي لم يذكر ذلك في تغريدته باللغة العربية حول زيارته لمصر.

كما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بما يفيد بأن حراكاً يمضي قدماً من أجل التوصل إلى صفقة تبادل مع حماس، وقال في تصريح نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية: "كان لدي حديث مع الأمريكيين، والمصريين وممثلين لدول عدة حول العالم. وأكدت لهم أنه إلى جانب قرار إدخال البضائع إلى غزة وكذلك الدواء، سوف نطلب أن يتم ربط إعمار غزة بوقف إطلاق الصواريخ وإعادة الأسرى".

وتقول حماس إنها تحتفظ بأربعة إسرائيليين، هم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي)، وآخران دخلا غزة في ظروف غامضة خلال السنوات الماضية. بينما يقبع في سجون إسرائيل نحو 4500 معتقل فلسطيني، بينهم 41 سيدة و140 قاصراً و440 معتقلاً إدارياً (دون محاكمة)، وفق إحصاء فلسطيني رسمي، في أبريل/نيسان الماضي.

ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو تصريح السنوار هذا، لكنها لم تعلق عليه، وقالت: إن "مفاوضات جرت في غزة بين حماس ورئيس المخابرات المصرية حول مواضيع مختلفة، وكذلك يجري وزير الخارجية أشكنازي مباحثات موازية في مصر للتوصل إلى بلورة صفقة تبادل أسرى".

هل تذعن إسرائيل؟

يقول موقع "ماكور ريشون" الإسرائيلي: إن "السنوار كان يقصد في تصريحه عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تريد حماس أن يفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى".

ويضيف: "الأسبوع القادم من المقرر أن يزور وفد إسرائيلي مصر للتفاوض حول إعادة الأسرى من غزة، لكن لا يبدو أن هناك أملاً كبيراً".

ويشير إلى أن الجانب الإيجابي في تصريحات السنوار هو عدم حديث الرجل عن صفقة تبادل تمر عبر مراحل مختلفة وذلك لأوّل مرة، لأنه في الماضي كان يتحدث عن مراحل مختلفة أهمها هي أن تفرج إسرائيل عن عدد من الأسرى مقابل معلومات عن أسراها في غزة.

ويوضح "لكن ثمّة أيضاً إشارة سلبية في تصريح السنوار خاصة عندما لفظ الرقم 1111، ما يعني أنه يريد الإفراج عن هذا الرقم من الأسرى الفلسطينيين وجزء منهم من محرري صفقة شاليط الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم".

ويقول الموقع: "إذا قبلت إسرائيل هذه المرة بالإفراج عن أسرى فلسطينيين ممَّن تعدهم مخربين، سيكون ذلك نجاحاً وإنجازاً لحركة حماس، السنوار سيقول إن تحرير الأسرى كان ثمرة الانتصار في الجولة العسكرية الأخيرة".

ويقول الصحفي الإسرائيلي نوعام أمير: إن "الموقف الإسرائيلي هو عدم الإفراج عن أسرى فلسطينيين ضمن أي صفقة، حتى عائلات الأسرى لا تطلب ذلك، لكن ربما تكون لدينا حكومة جديدة تحمل رؤية مغايرة، بيد أن الجيش له موقف لا يتغير وهو أن الإفراج عن أسرى مقابل أسرى أمر غير محبذ".

ويضيف: "التصريحات التي نسمعها من غزة قد تحمل فعلاً دلالات جديدة، ربما تفرج إسرائيل عن أسرى لكن بأعداد محدودة، كل شيء قابل للتغيير".

مكابرة إسرائيلية

على الرغم من كل الدلالات والحراكات التي تشير إلى أن إسرائيل ذاهبة بشكل رسمي إلى بلورة صفقة تبادل أسرى، فإن جهات إسرائيلية لا تزال تدعي بأن الثمن الذي تطلبه حماس غير قابل للتحقيق.

يقول رون بن يشاي المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "خلال حديثي مع عدد من المسؤولين في أجهزة الأمن يمكنني فهم بأن احتمال موافقة الحكومة على مطالب السنوار تبدو مستحيلة".

ويضيف: "في إسرائيل ثمة اعتقاد سائد بأن السنوار أقنع نفسه بأنه انتصر في المعركة ولذلك يرفع سقف مطالبه، لكن إسرائيل قد ترفض أي إعمار بغزة حتى عودة أسراها وقد يكون هذا حلاً".

ويوضح "لا اعتقد بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية أو التي قد تأتي قد تكون مستعدة لدفع الثمن الذي تريده حماس، لكن إسرائيل قد تفرج عن مئات الأسرى، بيد أنها لن تسمح للسنوار بأن يشعر بأنه انتصر، وربما تجبره على النزول من على الشجرة".

أسرى إسرائيل بغزة.. هل هم أحياء؟

بعد أن وضعت الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014 أوزارها، أعلنت حماس أنها أسرت كلاً من "أرون شاؤول" وهو جندي إسرائيلي أسر في منطقة الشجاعية، وهدار جولدن وهو ضابط أسر في رفح، ثم أعلنت بعد ذلك بعام عن أسرها جندياً آخر اخترق حدود غزة وهو إسرائيلي من أصول إفريقية يدعى إبراهام مانغستو، فيما أعلنت عن أسر عربي يدعى هاشم السيد الذي لا يعرف حتى الآن تصنيفه، لكن أنباءً غير مؤكدة تشير إلى أنه جندي في الجيش الإسرائيلي.

إسرائيل بدورها، ظلت مصرّة على روايتها وهي أن أرون وجولدن مجرد أشلاء ولم يتم أسرهما أحياء، دون أن تقدم أي دليل يدعم هذه الرواية، فيما كشفت وسائل إعلام عبرية بشكل فعلي أن الدلائل على أن جولدن كان ميتاً حين تم أسره ليست مؤكدة لدرجة الإيمان المطلق بها، وبخاصة ما كشفه فيلم وثائقي أعدته القناة 12 العبرية وفيه مشاهد وروايات حصرية لا تؤكد وفاته ولا تنفيها.

حركة حماس من جانبها، ظلّت تلعب على الوتر الحساس بالنسبة إلى إسرائيل خلال السنوات الماضية، لم تفرج عن معلومة واحدة حول الجنود، لكن مصير مانغستو والسيد معروف للجميع إذ دخلا إلى غزة حيين.

وظلت حماس تنشر مقاطع تتحدث فيها عن الأسرى الإسرائيليين لديها وتؤكد بشكل أو بآخر بأنهما حيين وينتظران الإفراج عنهما. وهي مشاهد لطالما أثارت جدلاً في إسرائيل، التي سعت جاهدة إلى الحصول على أي إشارة أو تأكيد حول مصير الجنديين عبثاً.

وتقول حماس إنها تريد مقابلاً لأي معلومة حول الجنود الأسرى، وخاصة وقبل ذلك الإفراج عن أسرى صفقة شاليط الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم مرة أخرى بما يخالف الاتفاق بين الأطراف والدول الضامنة.

لكن كل ذلك لم يكشف حتى الآن مصير الجنود، ولا يبقى إلا روايات أهالي الجنود الإسرائيليين الذين سبق أن أكد بعضهم أنهم تعرضوا للتهديد في حال الحديث عن الموضوع، لكنهم بدؤوا مؤخراً يشيرون بشكل غير مباشر إلى أن الجنود ليسوا أمواتاً.

وفي الوقت الذي بات فيه السنوار نجماً على الشاشات الإسرائيلية، بدأ أهالي الجنود الإسرائيليين يبحثون لأنفسهم وقضية أبنائهم عن متسع، وسعوا إلى إثارة قضيتهم من جديد، والمطالبة بالإفراج عنهم.

وغاب عن الحوارات كل ما يتعلق بوفاة الجنود حسب الرواية الرسمية، ودار الحديث عن جنود أسرى يجب إعادتهم فقط، ويشار في السياق إلى أن الحكومة الإسرائيلية عدّلت توصيف شاؤول وجولدين عام 2016 إلى مفقودين بدل "شهداء"، وهو ما لفت الانتباه حينه.

أهالي الأسرى بإسرائيل ضحية تضليل الحكومة

تقول زهافا شاؤول والدة الجندي أرون شاؤول لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إنها كانت تنتظر عودة ابنها من غزة مع انتهاء التصعيد الإسرائيلي الأخير في غزة، وتضيف: "لا زلت أنتظر عودة ابني إلى منزله من سبع سنوات، في كل مرة أشعر فيها بأن الأمر بات قريباً ثم ينتهي فجأة، كنت على وشك التأكد هذه المرة من عودته هو وجولدن، لكن الأمر لم يجر كما اشتهيت".

وتضيف: "لا يوجد أي سبب للتغاضي عن أبنائنا وعنّا، حكومة إسرائيل والمستوى الأمني والعسكري عليهم أن يعرفوا جميعاً بأن سبع سنوات مرت علينا ونحن ننتظر، وآن أوان التوصل إلى صفقة تعيد لنا الأبناء".

من جانبه، قال آفريم شاؤول شقيق الجندي الأسير لصحيفة "معاريف" يوم الاثنين: "يجب أن يدعمنا الشعب، وكذلك وسائل الإعلام من أجل إعادة الجنديين".

وأضاف: "علينا أن نكون واقعيين، النهاية ستكون فقط عبر صفقة تبادل أسرى لا حل غير هذا، لقد حاولنا خلال سبع سنوات أن نحقق شيئاً ولم نستطع".

وقال: "أمي متأكدة بأني أخي على قيد الحياة، هناك ثغرات كثيرة في الروايات الرسمية التي قُدمت إلينا، لم يسمحوا لنا بالاطلاع على كل شيء، وقد تعمدوا إخفاء الكثير".

قبل سنوات توجهت عائلات الجنود الأسرى لدى حماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وطلبت تغيير تعريفهما في سجلات الدولة بدل تعريفهما كـ"شهداء"، لكن المحكمة رفضت قبول القضية بصفتها غير مختصة في قضايا بين العائلات الـ"ثكلى" والجيش، لكن اللافت في حينه أن المحكمة العليا الإسرائيلية قالت: إنه "لا يمكن التأكيد بأي شكل بأن أرون شاؤول ميت وليس على قيد الحياة".

TRT عربي - وكالات