ويخوض جيش الاحتلال الإسرائيلي للشهر الحادي عشر على التوالي حرباً مفتوحة على قطاع غزة، واشتباكاً مستمراً على الحدود الشمالية مع حزب الله، بالإضافة إلى تصعيد في الضفة الغربية، أدت إلى استنزافه وقواته البرية.
وفي هذا الإطار يشير يوسي يهوشع، الصحفي في جريدة يديعوت أحرونوت، إلى أن الجيش يدرس رفع عدد الكتائب التي تحمي قطاع غزة من 4 كانت تتمركز على طول الحدود مع غزة إلى 8، وكذلك الأمر مع الضفة الغربية والحدود مع لبنان وسوريا.
وينقل يهوشع مجموعة من الإجراءات التي يجري النقاش حولها، منها رفع مدة التجنيد، والتوسع في تجنيد "الحريديم"، بالإضافة إلى الحد من تسرب الجنود من الخدمة العسكرية.
وفي نهاية شهر أغسطس/آب الماضي مدّدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأمر "8" الذي يسمح للجيش باستدعاء جنود الاحتياط حتى شهر ديسمبر/كانون الأول من العام المقبل. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية في شهر يوليو/تموز الماضي بأن الكابينت صدَّق "على تمديد الخدمة العسكرية الإلزامية للرجال أربعة أشهر إضافية لتصبح 36 شهراً، ومن المنتظر أن يدخل القرار حيز التنفيذ بعد موافقة الكنيست الإسرائيلي".
جنود من طالبي اللجوء
استقبلت إسرائيل خلال السنوات الماضية موجة من المهاجرين الأفارقة الذين قَدِموا إلى البلاد على دفعات مختلفة، ووفقاً لصحيفة هآرتس الإسرائيلية فقد وصل عدد هؤلاء إلى ما يقرب من 30 ألف لاجئ، يعملون في مهن مختلفة داخل دولة الاحتلال، ويحصلون على إقامات مؤقتة وبعضهم على دائمة.
وبعد عملية طوفان الأقصى رأى جيش الاحتلال في طالبي اللجوء الأفارقة عناصر بشرية يمكن استغلالها في عملية التجنيد مقابل تسوية أوضاعهم القانونية ومنحهم إقامات دائمة في دولة الاحتلال.
ووفقاً لصحيفة هآرتس، نقلاً عن مسؤولين في وزارة الدفاع، فإن ذلك ينفَّذ بتوجيه من المستشارين القانونيين للمؤسسة الدفاعية.
ووفقاً للصحيفة فإن قانون الجنسية الإسرائيلي يسمح لوزير الداخلية بمنح الجنسية أو الإقامة لشخص ما "إذا اقتنع بأن المقيم يتماهى مع دولة إسرائيل وأهدافها وإذا قدم هو أو أحد أقاربه عملاً ملموساً لتعزيز أمنها... أو إذا كان منح هذا التصريح يشكل مصلحة خاصة للدولة".
طالب اللجوء الذي فضَّل عدم ذكر اسمه واكتفى بالحرف الأول "أ"، يقول لهآرتس إنه تلقى في الأشهر الأولى من الحرب مكالمة هاتفية من شخص ادَّعى أنه ضابط شرطة وأمره بالحضور فوراً إلى منشأة أمنية دون تقديم أي تفسير، وعندما وصل إلى هناك أدرك أنه جاء لمقابلة "رجال الأمن" الذين أخبروه بأنهم "يبحثون عن أشخاص مميزين للانضمام إلى الجيش".
استمرت اللقاءات على مدى نحو أسبوعين، قال فيها ضباط الأمن إن هذه الحرب تشكل حياةً أو موتاً لإسرائيل، وعلى الرغم من رفض "أ" التجنيد فإنه عاد والتقى مسؤولاً آخر عرض عليه التجنيد مرة أخرى. وسأل "أ" عمّا سوف يحصل عليه مقابل خدمته العسكرية، فأجاب الضباط بأنه سوف يحصل على "وثائق من دولة إسرائيل".
في الماضي، سمحت الحكومة الإسرائيلية لأبناء العمال الأجانب بالخدمة في الجيش مقابل منح وضع رسمي لأفراد أسرهم المباشرين. ففي شهر يناير/كانون الثاني الماضي قرر وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل، منح الجنسية الإسرائيلية لوالدَي جندي الاحتياط سيدريك جارين، الذي قُتل على يد المقاومة الفلسطينية شمال مدينة غزة.
والدة الجندي جارين من العمالة الفلبينية التي تقيم بشكل مؤقت في إسرائيل، فيما رحَّلت السلطات الإسرائيلية والده في وقت سابق، وبعد مقتل الجندي الإسرائيلي في غزة قررت دولة الاحتلال منح الجنسية الإسرائيلية لوالديه.
وعود لم تتحقق
وعد جيش الاحتلال الإسرائيلي طالبي اللجوء الأفارقة الذين جرى تجنيدهم بتحسين أوضاعهم القانونية ومنحهم إقامات دائمة، لكنَّ مصادر تحدثت مع صحيفة هآرتس أشارت إلى أن أياً من الجنود الذين شاركوا في القتال لم يُمنح وضعاً رسمياً.
وعلمت الصحيفة أن بعض الأصوات أعربت عن الاعتراض على هذه الممارسة، بحجة أنها تستغل الأشخاص الذين فروا من بلدانهم بسبب الحرب. ومع ذلك، وفق تلك المصادر، جرى إسكات هذه الأصوات.
ووفق مصادر عسكرية فإن طالبي اللجوء الأفارقة شاركوا في عمليات مختلفة ذُكر بعضها على وسائل الإعلام، وأثار تجنيد هؤلاء نقاشاً قانونياً وأخلاقياً داخل إسرائيل، وقالت افتتاحية صحيفة هآرتس، اليوم الاثنين، إن "استغلال الوضع غير القانوني واستخدامه وسيلةً للضغط على الأشخاص الذين يعتمدون على رضا الحكومة، حتى لو لم يكن ذلك جريمة جنائية، فهو بالتأكيد أمر غير مقبول أخلاقياً".
وإلى جوار الاعتبار الأخلاقي المتعلق بمساومة اللاجئين ما بين الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال والأوراق الثبوتية، فإن المجندين من اللاجئين الأفارقة لا يتلقون التدريب الكافي قبل التحاقهم بالميدان.
ووفقاً للاجئ "أ" فإن مدة التدريبات التي يخضعون لها لا تتجاوز الأسبوعين، ويضيف اللاجئ: "أردت الذهاب، وكنت جاداً للغاية في الأمر، ولكن بعد ذلك فكرت؛ أسبوعين فقط من التدريب ثم المشاركة في المجهود الحربي؟ لم ألمس سلاحاً في حياتي قط".