شهدت شركة ميتا (Meta) التي كانت تعرف باسم فيسبوك سابقاً، تراجعاً قياسياً في قيمتها السوقية الخميس الماضي، وذلك بعد أن سجلت أسهم الشركة خسائر وصلت قيمتها إلى نحو 240 مليار دولار في يوم واحد بعدما هبط سعر سهمها خلال تداولات الخميس بنسبة 26%.
وتسببت الخسائر التي حظيت بها شركة منصات ميتا، والتي تعتبر بمثابة أكبر خسارة يومية تُمنى بها شركة أمريكية على الإطلاق، في تراجع ثروة رئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ بمقدار 31 مليار دولار، حسب مؤشر بلومبيرغ لأصحاب المليارات.
وجاء هذا الهبوط الحاد في أسعار أسهم الشركة في الوقت الذي تحارب به ميتا على عدد من الجبهات سواء مع المنظمين أو المساهمين لتبرير تواجها الاستراتيجي نحو الواقع الافتراضي أو ما يعرف بـ"ميتافيرس"، والذي كان السبب الرئيس في تغيير فيسبوك اسمها إلى ميتا قبل عدة أشهر.
أسباب انهيار سعر سهم ميتا
الهبوط الحاد جاء بعد نحو ساعات من كشف الشركة تقرير أرباح أسوأ مما كان متوقعاً، فلم تكتف ميتا بالإبلاغ عن انخفاض نادر في الأرباح خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، بل طرحت سلسلة من التحديات لأعمالها الإعلانية الأساسية وكشفت لأول مرة عن مقدار الأموال التي تم خسارتها بعد التحول لاسم ميتافيرس.
وأبلغت الشركة أيضاً انخفاضاً طفيفاً، ولكن لافت للنظر، في عدد المستخدمين اليوميين الناشطين لفيسبوك الذي تراجع إلى 1.929 مليار في الأشهر الثلاثة المنتهية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقارنة بـ 1.930 مليار في الثلاثة أشهر السابقة لذلك. وكانت هذه أول مرة على الإطلاق التي يسجل فيها نشاط المستخدمين اليوميين تراجعاً طوال تاريخ فيسبوك الممتد لـ 18 عاماً.
وحذرت الشركة من تباطؤ يشهده نمو العائدات وسط منافسة محتدمة من منصات أخرى بينها تيك توك ويوتيوب والتي نجحت في سرقة المستخدمين المحتملين من فئة الشباب خصوصاً، فضلاً عن التراجع في إنفاق المعلنين بسبب الضرر الذي لحق بالشركة، التي تعتبر ثاني أكبر منصة إعلان رقمي في العالم بعد غوغل، جراء التعديلات التي أجرتها شركة أبل فيما يتعلق بالخصوصية.
وتسبب الهبوط الحاد في قيمة الشركة في جعل زوكربيرغ ثاني شخص في عالم التكنولوجيا والتقنية يحظى بأكبر خسارة في التاريخ بعد الخسارة التي تكبدها الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إيلون ماسك، والذي فقد 35 مليار دولار من ثروته في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما أجرى استطلاع رأي على تويتر سأل فيه متابعيه عما إذا كان يجب عليه بيع 10% من حصته في الشركة.
دخول فيسبوك عالم الميتافيرس
ينقسم مصطلح ميتافيرس (metaverse) إلى شقين، الأول ميتا (meta) ويعني الماوراء، وفيرس (verse) وهو اختصار للكلمة الإنجليزية (universe) التي تعني الكون، ليكون معناه الكلي ما وراء الكون.
ومنذ أشهر قليلة عندما استغنت فيسبوك عن اسمها السابق وتبنت اسم "ميتا" الجديد، كشفت الشركة عن نيتها الحقيقية باقتحام عالم الميتافيرس وبذل جل جهودها واستثماراتها لتطوير عالمها الافتراضي الخاص فضلاً عن مساعيها لتطوير التقنيات والمعدات الخاصة بمنصاتها على عالم الميتافيرس.
وأدى اقتحامها لهذا العالم دون سابق إنذار، إلى إحداث دفعة ضخمة لهذا العالم، وخصوصاً للصفقات العقارية الافتراضية التي تختص ببيع وشراء وتأجير عقارات وأراضي على هذا العالم الموازي الموجود بالفعل منذ سنوات داخل ألعاب الفيديو، الأمر الذي وصفته مجلة فورتشن (Fortune) باندفاع مشابه لحمى الذهب التي سادت الولايات المتحدة في عصور غابرة.
ما مصير ميتافيرس بعد انهيار سهم فيسبوك؟
ما زال عالم ميتافيرس بكراً حتى الآن، لكون عمالقة التكنولوجيا ما زالوا يعدون العدة لدخول هذا العالم بقوة، ما يعني أنه لا يزال هناك متسع للجميع حالياً، وذلك رغم دخول شركة ميتا هذا العالم من أوسع أبوابه وتوجيه معظم استثماراتها إلى مشاريعها الجديدة على عالم الميتافيرس، وإعلان عمالقة التكنولوجيا الصينيين نيتهم للمنافسة في هذا العالم أيضاً.
لكن الخسائر التي تعرضت لها شركة منصات ميتا يوم الخميس الماضي من شأنها أن تؤثر سلباً على تطور هذا العالم حالياً، نظراً لتقلص حجم العائدات المالية التي كان يفترض بفيسبوك إنفاقها على تطوير عالم الشركة الخاص على ميتافيرس، لكن ذلك من شأنه أن يعطي الأفضلية للشركات الصينية التي أعلنت نيتها للمنافسة من خلال عوالمها وتقنياتها الخاصة.
وإلى جانب الخسائر المادية التي تعرضت لها ميتا مؤخراً واحتمالية تأثير ذلك سلباً على استثماراتها داخل عالم الميتافيرس، هناك مشاكل أخرى بدأت تؤرق مشاريع الشركة داخل عالم ميتافيرس، كان آخرها عملية الاغتصاب الجماعي التي تعرضت لها امرأة داخل عالم "ميتافيرس" الخاص بشركة ميتا، والتي وصفتها بأنها "كابوس". وقالت المرأة في منشورها إن "الأفاتار" الخاص بها تعرض للاغتصاب "في غضون 60 ثانية من الانضمام"، محذرة من المخاطر الكبيرة التي يمكن أن يواجهها المستخدمون لهذه المنصات الجديدة في المستقبل.