ضمن مسار النهضة التكنولوجية.. تركيا تطلق أولى بنوكها الرقمية
تعتزم تركيا إطلاق مزيد من البنوك الرقمية في المستقبل، وتأمل أن يساعد هذا التوجه في تسهيل الوصول إلى الخدمات المصرفية وتعزيز الابتكار بالقطاع المالي.
يقول جواد بيازيد، المتخصص في العملات الرقمية، إن مشاريع كثيرة تحولت إلى العالم الرقمي بعد جائحة كورونا في ظل السوق التنافسية العالية والتسارع التكنولوجي، وكان القطاع المصرفي واحداً من أهمهم. / صورة: Getty Images (Getty Images)

تعتمد تركيا على التكنولوجيا الرقمية في خدماتها المصرفية منذ سنوات، وذلك من خلال إتمام عديد من المعاملات البنكية عبر التطبيقات الإلكترونية. ومؤخراً منحت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية بتركيا رخصة العمل لأول بنك رقمي بالكامل باسم Hayat Finans، كما وافقت على إنشاء مصرفين رقميّين آخرين هما Ziraat Dinamik Banka برأسمال 2.5 مليار ليرة، وAsır Yatırım Bankası برأسمال 600 مليون ليرة.

ما البنوك الرقمية؟

البنوك الرقمية هي التي تعتمد على التكنولوجيا الرقمية في توفير خدماتها المصرفية. وبدلاً من الذهاب إلى أحد فروع البنك ومقابلة موظف لإجراء معاملة، يمكن للعملاء ذلك عبر الإنترنت أو التطبيقات المصرفية المخصصة.

وتتضمن خدمات البنوك الرقمية فتح الحسابات المصرفية، وإدارة الحسابات، وإجراء التحويلات البنكية، والتعامل مع بطاقات الائتمان وغيرها من الخدمات المصرفية الأخرى.

كما تعتمد بشكل كبير على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين لتأمين وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها.

المستقبل للعملات الرقمية

تعتزم تركيا إطلاق مزيد من البنوك الرقمية في المستقبل، وتأمل أن يساعد هذا التوجه في تسهيل الوصول إلى الخدمات المصرفية وتعزيز الابتكار بالقطاع المالي.

في هذا الصدد، يقول جواد بيازيد، المتخصص في العملات الرقمية، إن مشاريع كثيرة تحولت إلى العالم الرقمي بعد جائحة كورونا في ظل السوق التنافسية العالية والتسارع التكنولوجي، وكان القطاع المصرفي واحداً من أهمهم.

ويضيف في حديثه لـTRT عربي: "تعلم الدول والبنوك جيداً أنها إذا لم تواكب السوق بكل ما يساعد على تسهيل الخدمات للعملاء فإنها ستخسر حصة كبيرة من السوق، لهذا تسعى جاهدة لهذا التحول".

وحول أهمية المصرفية الرقمية، يوضح بيازيد أن لها فوائد عديدة تخدم مصالح كثير من العملاء والشركات بتسريع وتسهيل كثير من المعاملات والحوالات المالية.

ويتابع بيازيد: "أحد أهم المفاتيح التي يجري ترويجها والتوجه إليها مؤخراً من القطاع المصرفي ما يسمى FinTech أو التكنولوجيا المالية. وكثير من الدول تسعى للتحول الرقمي لعدة أهداف قريبة وبعيدة المدى، منها تسريع الخدمات المصرفية على العملاء وتقليل العامل البشري والتكاليف التشغيلية للبنوك. وبهذا التحول سيجري استيعاب عدد أكبر من العملاء".

ويتابع بيازيد أن "أحد الأهداف الاستراتيجية اهتمام كثير من الدول حول العالم بالاعتماد على العملة الرقمية للبنك المركزي أو ما يسمى CBDC = Central Bank Digital Currency، وهو أحد خطوات إلغاء العملات الورقية النقدية والتحول إلى العملات الرقمية".

وعن الدول التي بدأت هذا التحول، نجد النرويج والسويد والصين، وفق ما قاله المتخصص في العملات الرقمية جواد بيازيد.

ينوّه بيازيد بخلط كبير يقع فيه كثيرون عند الحديث عن العملات الرقمية والمشفرة، موضحاً: "مجرد سماع مصطلح العملات الرقمية، نذهب بالتفكير إلى أن المقصود به هو البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة".

ويضيف: "العملات الرقمية تصدر من الحكومة أو البنك المركزي لكن على شكل رقمي، أما العملات المشفرة فهل لا تصدر عن أي جهة حكومية أو مصرف مركزي".

ويؤكد بيازيد أنه يوجد "تحدٍّ كبير يواجه القطاع المصرفي في ظل أزمات وانهيار اقتصادي يصيب العالم بين فترة وأخرى".

ووفق بيازيد فإن أحد أهم مسببات هذه الأزمات القطاع المصرفي والبنوك المركزية وما تسببه من حالات تضخم مرتفعة بسبب طباعة عملات نقدية كثيرة وعدم القدرة على إدارة الأزمات بشكل صحيح.

ويتابع: "في ظل ارتباط اقتصادي عالمي يؤثر على الجميع، وفي ظل انهيار وإفلاس كثير من البنوك على المستوى المحلي والعالمي يكون من الصعب إعادة الثقة بالنظام المصرفي من العملاء سواء من الشركات أو الأفراد".

ويوضح بيازيد أن شريحة كبيرة من المجتمعات حول العالم لا تملك حق الوصول إلى القطاع المصرفي التقليدي، ما سيعطيها فرصة للتفاعل مع القطاع الرقمي والاستفادة منه.

كما يشير المتخصص في العملات الرقمية إلى وجود منافس آخر للقطاع المالي وهو العملات المشفرة، موضحاً أن هذه العملات لا مركزية ويمتلك مستخدمها حق التعامل بكامل الحرية المالية ودون رقابة عالية.

هل توجد مخاطر؟

ويعتقد مسؤول الرقابة المالية في أحد بنوك لبنان نزيه السمراني، أن المخاطر أعلى بكثير في البنوك الرقمية، بخاصة في مجال الأمن السيبراني وحماية البيانات.

ويوضح في حديثه لـTRT عربي أن "أي هجوم سيبراني يمكن أن يعرض كل الخدمات ومعلومات العملاء للخطر، وبخاصة في هذه الأوقات التي تتعرض فيها خصوصية العملاء في جميع التطبيقات والمنصات الرقمية للتحقيقات".

ويتابع: "أي اضطراب في الخدمات سيؤدي إلى رحيل العملاء بحثاً عن بنك أفضل وأكثر استقراراً، وهذا سيؤدي إلى أزمة مصرفية كبرى. ومن المحتمل أن تواجه البنوك الرقمية صعوبة في جذب العملاء الأكبر سناً، علاوة على أن البنوك التقليدية تبني علاقاتها مع العملاء على التفاعل الإنساني، ما سيغيب بحالة البنوك الرقمية".

ويضيف: "توجد أيضاً المسائل المتعلقة بالامتثال وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث يصعب التأكد من مصدر الأموال. أما في البنوك التقليدية، فالموظف يتحمل المسؤولية عن فتح الحسابات واستلام الودائع ومسؤولية السؤال عن مصدر الأموال وتقييم ما إذا كان العميل صادقاً أم لا. في بعض الأحيان لا يمكن للأنظمة والبرمجيات كشف هذه الأمور".

هل ستؤثر البنوك الرقمية على البنوك التقليدية حول العالم؟

لكن مع ذلك تميل الدول إلى فتح البنوك الرقمية لمتابعة الاتجاهات وتخفيض التكاليف وجذب العملاء الشباب حسب ما يقول السمراني، مضيفاً أن المستقبل يتجه نحو كل ما هو رقمي.

ويستكمل السمراني: "العملات الرقمية ستساعد المصارف المركزية والحكومات على السيطرة على التضخم في الاقتصاد. ومع ذلك، ستخلق مشاكل أخرى، مثل كيفية إنتاجها".

ويوضح مسؤول الرقابة المالية أن هذه الخطوة ستؤثر على البنوك التقليدية حول العالم في المدى القصير، معتبراً "أن البنوك التقليدية توفر قنوات رقمية لعملائها وأن النقد لا يزال المسيطر".

أما المتخصص البلوك تشين جاغري البيرق، فيقول إن تركيا لا تريد أن تكون متأخرة بالعملية الرقمية في العالم، مشيراً في حديثه لـTRT عربي إلى أنها "تسعى لإرساء أساس الثقة بالهيكل الاقتصادي المنبثق من قوة العالم الرقمي".

ويتابع القول إن "الدول على اختلافها تتخذ مواقف متباينة فيما يتعلق بالتحول الرقمي من ناحية التحقق والمرونة. ومع ذلك من المهم وضع المعايير لقطاع الخدمات المصرفية الرقمية الناشئة".

ويؤكد البيرق أن "من الواضح أن الرقمنة تجلب كثيراً من الفوائد في يومنا هذا. ومع زيادة قبول الفكرة والاعتراف بها بين المستثمرين فإن الوسائل الرقمية تحمل إمكانات كبيرة لم تظهر بعد".

TRT عربي