تجتاح مؤخراً وبشكل غير مسبوق موجة من الأعاصير والحرائق وارتفاع درجات الحرارة، عدة دول في العالم، منذرة بكارثة بشرية تستدعي مزيداً من الجهود والتكاتف الدولي لتخفيف أضرار التغير المناخي قدر الإمكان.
ويعتبر التغير المناخي تحدياً خطيراً للبشرية، ويهدد الحياة على هذا الكوكب. وقد كشفت في السياق ذاته تقارير مكاتب الأرصاد عن احتمالية كبيرة باختفاء عدد كبير من دول المحيط الهادي، بعد تسجيل ارتفاع لافت لمستوى سطح البحر، وذلك عقب ارتفاع درجات الحرارة.
دول المحيط الهادي مهددة بالاختفاء
حذر علماء وخبراء الأرصاد في العالم من تخطي الحد الأدنى لدرجة الحرارة العالمية التي حددتها اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، والتي تقدر بـ1.5 درجة مئوية، وذلك تحسباً لوقوع كوارث طبيعية في المستقبل، تهدد دول جزر المحيط الهادي بدرجة أولى. حيث إن ارتفاع الحرارة قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وبالتالي اختفاء هذه الجزر نهائياً.
ولطالما، عانت دول المحيط الهادي من أزمة المناخ، حيث شهدت أعاصير مدمرة بشكل مستمر وعانت فترات طويلة من المد والجزر، وموجات جفاف مستمرة، ويؤكد الخبراء أن هذه الأزمات ستشتد وتزداد حدتها مع ارتفاع درجات الحرارة. وأن أجزاء كبيرة من أماكن عدة مثل كيريباتي وفانواتو وجزر سليمان، أصبحت غير صالحة للسكن.
ورغم أن قادة جزر المحيط الهادي، ضغطوا في اتفاقية باريس عام 2015، لخفض نسبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للنصف تقريباً لتجنب الوصول إلى درجة الحرارة العالمية (1.5 درجة مئوية)، إلا أن التقرير الذي نشرته مؤخراً الهيئة الحكومية المعنية بتغيير المناخ IPCC، قد كشف وبشكل مقلق للغاية، أنه ربما وقريباً جداً ستختفي الأراضي المنخفضة في المحيط الهادي بفعل الارتفاع المتواصل لمستوى سطح البحر، والذي من الممكن أن يتخطى حدود المترين بنهاية هذا القرن.
واستناداً إلى المعطيات التي وردت في التقرير، يخمن الخبراء والعلماء أن الأعاصير الكارثية، والجفاف الطويل ستصبح أكثر تواتراً وأكثر كثافة في جزر المحيط الهادي، في السنوات القليلة القادمة.
من جانبها اعتبرت منظمة السلام الأخضر في أستراليا والمحيط الهادي، أن تداعيات التغير المناخي يعتبر ظلماً لدول المحيط الهادي، التي تعتبر واحدة من بين أقل المناطق التي ينبعث منها الكربون في العالم الذي يعد سبباً رئيساً في ارتفاع درجات الحرارة ومع ذلك هي أول من يعاني ويلاته.
وفي الإطار ذاته قال محمد نشيد، الرئيس السابق لجزر المالديف: "نحن ندفع بأرواحنا ثمن الكربون المنبعث من شخص آخر". وتعتبر جزر المالديف من بين المناطق المهددة بالانقراض نتيجة التغير المناخي.
هل يمكن تفادي الكارثة؟
دق قادة العالم والخبراء والعلماء نواقيس الخطر، معتبرين أن الحرائق التي التهمت مدناً كثيرة والفيضانات التي غمرت عدة مناطق، والارتفاع الشديد لدرجة الحرارة الذي لم يستثن منطقة في العالم، إنذار أحمر للبشرية، لضرورة التعاون على إنقاذ الحياة على هذا الكوكب والتي تعد مسؤولية الجميع دون استثناء.
وتعليقاً على ما ورد من معطيات مثيرة للقلق في تقرير مجموعة العمل 1 للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: "إذا حشدنا القوى الآن، سنتمكن من تفادي وقوع كارثة مناخية. ولكن، كما يوضح تقرير اليوم، لا يوجد وقت للتأخير ولا مجال للأعذار. أعول على قادة الحكومات وجميع أصحاب المصلحة."
وبدوره قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: "تقرير اليوم يجعل القراءة واقعية، ومن الواضح أن العقد المقبل سيكون محوريا لتأمين مستقبل كوكبنا". وأضاف: "نحن نعلم ما يجب القيام به للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، جعل الفحم من التاريخ والتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وحماية الطبيعة وتوفير التمويل المناخي للبلدان الواقعة على خط المواجهة".
وبالتالي يبدو أن العالم في حالة طوارئ، وعبء المسؤولية الإنسانية يقع على عاتق الجميع. ويبدو أن الوقت يداهم الجميع لإنقاذ الدول المهددة بالاختفاء، والتي سبق وأن أطلقت صيحات استغاثة ونادت الجميع للتكاتف وتخفيف أضرار التغير المناخي.