وأظهرت شهور الحرب جانباً من هشاشة المجتمع الإسرائيلي التي ظهرت في أكثر من مجال، كالاقتصاد والتماسك السياسي الداخلي، بالإضافة إلى الجانب الاجتماعي الذي تفشى فيه مؤخراً عدد من الظواهر المدمرة أهمها انتشار المخدرات وارتفاع معدلات الإدمان.
وكشفت دراسة أجراها المركز الإسرائيلي للإدمان والصحة النفسية شملت نحو ألف شخص يمثلون مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي، أن واحداً من كلّ أربعة إسرائيليين زاد استهلاكه للمنتجات المسببة للإدمان، بينما في 2022، أي قبل الهجوم، كان واحد من كل سبعة إسرائيليين يعاني اضطرابات مرتبطة بتعاطي المخدرات.
وازداد تناول الحبوب المنومة والمسكنات في إسرائيل بنسبة 180% و70% على التوالي، إذ قال الطبيب النفسي الإسرائيلي شاؤول ليف-ران مؤسس المركز، إنه "في رد فعل طبيعي على الضغط النفسي، وبحثاً عن الراحة، نشهد ارتفاعاً كبيراً في تناول مختلف المواد المهدئة المسببة للإدمان، سواء كانت أدوية عبر وصفة طبية أو مخدرات غير مشروعة أو كحول، وأحياناً في السلوك الإدماني مثل لعب الميسر".
وخلص الطبيب ليف-ران إلى أنه بالاستناد إلى الدراسة "من الواضح بالفعل أننا على أعتاب وباء يظهر أن شرائح واسعة من السكان ستجنح إلى الاعتماد على مواد" مسببة للإدمان. دراسة أخرى أجراها المركز في شهر فبراير/شباط الماضي على مجموعة من المراهقين أظهرت زيادة في تعاطي المخدرات والكحول، فارتفع استهلاك الكحول إلى 28% مقابل 8.9% في عام 2019، فيما يمارس 15% من العينة المقامرة، ويتعاطى 9% الحشيش.
مرضى نفسيون
الاحتلال الإسرائيلي كشف بدوره في شهر يوليو/تموز الماضي أن 9400 جندي جريح تلقوا العلاج بقسم إعادة التأهيل منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وأضافت أن 36% من هؤلاء يعانون ردود أفعال نفسية واضطرابات ما بعد الصدمة.
وبحسب التوقعات سيدخل قسم إعادة التأهيل 14 ألف جريح بحلول نهاية عام 2024 وسيحصلون على العلاج، وسيواجه نحو 5600 منهم اضطرابات نفسية. ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، بلغ عدد الجنود الذين سُرّحوا من الخدمة في جيش الاحتلال خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب 3257 جندياً.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي سُرّح 538 جندياً لأسباب عقلية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 691، وفي يناير/كانون الثاني 617، وفي مارس/آذار 378، بمعدل 540 جنديّاً شهريّاً، ووصفت وسائل الإعلام هذا الرقم بـ"القياسي وغير المسبوق".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشنّ إسرائيل بدعم أمريكي حرباً مدمرة على غزة خلّفَت أكثر من 131 ألف شهيد وجريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فيما تواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي وقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.