جوائز بآلاف الدولارات مقابل تسليمهم.. مَن قادة حماس الذين تطاردهم إسرائيل؟
بالإضافة إلى عدوانها العسكري تخوض إسرائيل حرباً نفسية ضد المقاومة، ومن بين تكتيكات هذه الحرب توزيع الجيش الإسرائيلي لمنشورات تعرض جوائز بمئات آلاف الدولارات للتبليغ عن قادة حماس وتسليمهم، بعد فشله في اغتيالهم عدة مرات.
مَن قادة حماس الذين تطاردهم إسرائيل؟ / صورة: مواقع التواصل (مواقع التواصل)

"إنّ حماس فقدت قواتها وعاجزة عن قلي بيضة"، هكذا خاطبت منشورات وزّعها الجيش الإسرائيلي على الأهالي في غزة، في إطار حملة حرب نفسية يقودها الاحتلال على القطاع، تزامناً مع عدوانه العسكري الذي تسبب حتى اليوم 71 باستشهاد أكثر من 18 ألفاً و800 شهيد و51 ألف جريح منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وعرضت منشورات، تداوَل صوراً لها ناشطون فلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي، جوائز مالية على التبليغ عن قادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وحددت هذه المكافآت بـ"400 ألف دولار لمعلومات حول يحيى السنوار، و300 ألف دولار لمحمد السنوار، و200 ألف دولار لرافع سلامة، ولمحمد الضيف 100 ألف دولار".

وردَّت حركة حماس ساخرة من منشورات الاحتلال. وقال القيادي في الحركة عزت الرشق في تصريح مقتضب عبر تليغرام، مرفقاً إياه بصورة المنشور: "لا وقت لقلي البيض.. مقاومونا منشغلون بشواء الميركافا"، في إشارة إلى عدد الآليات العسكرية والدبابات التي نجحت المقاومة في تدميرها.

بالمقابل، يبقى السؤال مطروحاً حول مَن هؤلاء القادة الذين تبذل إسرائيل كل الجهد من أجل معرفة معلومات عن أماكن وجودهم، وعن كمية الألم والإحباط والخسائر التي ألحقوها بالاحتلال، خصوصاً أن أسماء منهم ليست معروفة لجميع الفلسطينيين أنفسهم.

يحيى السنوار

يُعَدّ يحيى السنوار أهم شخصية في حماس في غزة، إذ يرأس جناح الحركة السياسي في القطاع، وهو ما يجعله على رأس قائمة قادة المقاومة المطلوبين للاحتلال، إذ توعّد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري قائلاً: "سوف نستمر، سنلاحقه حتى نعثر عليه"، وغالباً ما يشير إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أنه "رجل ميت يمشي".

وُلِد يحيى السنوار في مخيم خان يونس للاجئين بغزة عام 1962، ويعود انضمامه إلى المقاومة إلى سنوات شبابه، وهو ما قاده إلى المعتقلات الإسرائيلية عام 1982، إذ وُضع رهن الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهُر بتهمة الانخراط في "أنشطة تخريبية". وفي عام 1988 حكم عليه الاحتلال بالسجن مدى الحياة أربع مرّات.

وقضى السنوار في السجون الإسرائيلية نحو 24 عاماً، قبل أن يجري تحريره في عملية تبادل الأسرى (وفاء الأحرار) عام 2011. واعتبرت فايننشيال تايمز البريطانية أن السنوار نجح في خداع الاحتلال من أجل إطلاق سراحه، وقالت الصحيفة إنّ "القراءة الخاطئة لشخصيته شكلت مقدمة لأكبر فشل استخباراتي لإسرائيل".

وبعد خروجه من المعتقل أصبح السنوار العقل السياسي المدبر لعمل حماس، إذ استفاد من تعلُّمه اللغة العبرية في السجن واطلاعه على التقارير والدراسات الإسرائيلية من أجل قيادة عمل المقاومة سياسياً وعسكرياً. وانتُخب في عام 2017 رئيساً للمكتب السياسي للحركة في القطاع.

محمد السنوار

وضعت إسرائيل مكافأة بقيمة 300 ألف دولار للتبليغ عن محمد السنوار، الأخ الأصغر ليحيى السنوار، والقائد وعضو هيئة أركان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وعلى غرار أخيه يحيى، كان محمد السنوار أحد الأعضاء المؤسسين لحركة حماس، وتدرّج في عدّة أدوار في التنظيم، وكان من أوائل المؤسسين لكتائب القسام، إلى أن تولى عام 2005 منصب قائد لواء خان يونس، وأصبح ثالث أهمّ قائد في الكتائب، بعد قائدها العامّ محمد الضيف ونائبه مروان عيسى.

وخلال العدوان الأخير لعب لواء خان يونس دوراً كبيراً في مواجهة اجتياح الجيش الإسرائيلي للمخيم. وأعلنت إسرائيل، الجمعة، مقتل جندي وإصابة أربعة من لواء غولاني، قوات النخبة في جيش الاحتلال، في أثناء مواجهات في خان يونس.

ويعيش محمد السنوار حياة محاطة بكثير من السرّية، ولا يعرف سكان غزة ملامحه لأنه يتحرك متخفياً وفي نطاق ضيّق خشية تعرُّضه لعملية اغتيال إسرائيلية، وقد نجا خلال العقدين الماضيين من 6 محاولات لتصفيته.

وحسب صحيفة تليغراف البريطانية، تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن محمد السنوار هو مَن يقف وراء هجوم طوفان الأقصى، كما اتهمه الاحتلال بكونه العقل المدبر لكثير من العمليات الفدائية، أبرزها عمليات الأنفاق المفخخة ما بين عامَي 2000 و2005، وعملية الوهم المتبدد التي أسر فيها الجندي جلعاد شاليط عام 2006.

رافع سلامة

حام كثير من الأسئلة حول اسم رافع سلامة، وسبب وجوده على قائمة المطلوبين لإسرائيل، ذلك لكونه غير معروف لعديد من الفلسطينيين. وحسب المعلومات المتداولة فإنّ سلامة يشغل أحد مناصب القيادة في لواء خان يونس.

وحسب الصحفي الفلسطيني علي أبو رزق، كان رافع سلامة يعمل في وظيفة "مرموقة" في مدرسة الحوراني الإعدادية بمخيم خان يونس، قبل أن يستقيل للتفرغ للمقاومة.

وينحدر سلامة من عائلة شهداء، فوالدته هي الشهيدة رحيمة أبو شمالة التي ارتقت وهي تحمي ابنها من هجوم نفذه جيش الاحتلال على بيتهم. وخاله الشهيد الأديب جواد أبو شمالة كان عضو المكتب السياسي لحركة حماس ومقرباً من يحيى السنوار.

وتعرَّض رافع سلامة لعدد من محاولات الاغتيال، إلا أنه نجا منها جميعاً، بما في ذلك عام 2021، وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية آنذاك: "إنّ قادة بارزين نجَوا بفارق لحظات قليلة من استهدافهم، من بينهم سلامة والسنوار وغيرهما".

وكتب الصحفي علي أبو رزق أن "رافع كان قدوة استثنائية لطلابه في المرحلة الإعدادية، وأذكر موقفاً لأحد الزملاء في المدرسة الذي يحفظ كتاب الله ورآه رافع في حالة هزل وسخرية، فنهره الرجل بأن أهل القرآن أصحاب مقام رفيع ولا يليق بهم هذا الفعل".

محمد الضيف

في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلنت القوات الإسرائيلية قصفت منزل والد محمد الضيف في خان يونس، وقتلت أخاه عبد الفتاح الضيف، وابنه مدحت عبد الفتاح الضيف، وحفيده براء مدحت، وزوجة أحد أبنائه الآخرين، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية.

وارتكبت القوات الإسرائيلية هذه المجزرة في حق عائلة الضيف، لما يلعبه ابنها محمد من دور قيادي في المقاومة. ويشغل محمد الضيف منصب القائد العامّ لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

وُلِد محمد الضيف في مخيم خان يونس في عام 1965. ومثل عديد من القادة الفلسطينيين الذين انضموا إلى حركات التحرير الوطنية خلال فترة دراستهم الجامعية، بدأت علاقة الضيف مع حماس في الجامعة الإسلامية بغزة.

وتأثر الضيف بقادة مثل يحيى عياش وعدنان الغول، اللَّذين كانا من كبار الاستراتيجيين العسكريين في حماس قبل اغتيالهما على يد إسرائيل، فأصبح الضيف جزءاً من كتائب القسام، التي تأسست بعد فترة وجيزة من اتفاقيات أوسلو. وتعلَّم مهارة صناعة القنابل على يد يحيى عياش، صانع القنابل الشهير المعروف باسم "المهندس".

ويُعرف محمد الضيف في بعض الأحيان بـ"القط ذي الأرواح التسعة"، وذلك يعود إلى قدرته على النجاة من عدد لا يُحصى من محاولات الاغتيال والتغلب على الجيش الإسرائيلي في كثير من المواجهات. وقد نجا الضيف من سبع محاولات اغتيال إسرائيلية على الأقل، قُتلت فيها زوجته وطفلاه، بما في ذلك ابنه الرضيع.

وطاردته إسرائيل لعقود، وكاد يُقتل في غارة جوية قبل 20 عاماً، وقيل إنها تركته على كرسي متحرك بعد أن فقدَ ذراعه وساقه وإحدى عينيه، لكن فطنته الاستراتيجية وقدرته على تنفيذ عمليات جريئة وعالية التأثير عززت مكانته بوصفه قائداً عسكرياً فذّاً، ما جعله هدفاً رئيسياً للمخابرات والجيش الإسرائيلي.

ويُعتبر اختفاء الضيف عن الأضواء هو سبب نجاحه، وفقاً لزعيم كبير سابق في حماس تحدّث إلى صحيفة واشنطن بوست في عام 2014. فيما نقلت سكاي نيوز عن القيادي الفلسطيني عماد فالوجي قوله: "إنه يبتعد عن الأضواء ويعيش متخفياً بين السكان. ويتنقل بجوازات سفر وهويات مختلفة".

TRT عربي