تنظيم غولن الإرهابي.. طائفة خطيرة في الولايات المتحدة تحت ستار حركة شرعية
لطالما تنكر تنظيم غولن الإرهابي تحت قيادة مؤسسه المنفيّ اختيارياً فتح الله غولن، في هيئة شبكة حميدة من المؤسسات التعليمية والإنسانية. ومع ذلك، تكشف الأدلة عن أنه يعمل مثل منظمة سرية تشبه الطائفة، مع تشابهات مع حركة أوشو، سيئة السمعة في الثمانينيات.
تنظيم غولن الإرهابي.. طائفة خطيرة في الولايات المتحدة متخفية تحت ستار حركة شرعية (Others)

ومثلها مثل حركة راجنيش "المؤلَّفة من أشخاص ألهمهم الصوفي الهندي باغوان شيري راجنيش والمعروف أيضاً باسم أوشو"، التي روَّجت ظاهرياً للتنوير الروحي لكنها انخرطت في أعمال إجرامية مثل الإرهاب البيولوجي والاحتيال المالي، بنى تنظيم غولن الإرهابي إمبراطورية مترامية الأطراف، خصوصاً في الولايات المتحدة. وتحت ستار المدارس المستأجَرة والمنظمات غير الربحية وجماعات الضغط، استغل التنظيم الموارد العامة وعمل على تعزيز أجندته السرية.

الهيكل الشبيه بالطائفة وحركة أوشو الموازية

تُظهِر عمليات تنظيم غولن الإرهابي عديداً من خصائص الطائفة الخطيرة؛ فأعضاء التنظيم ينظرون إلى فتح الله غولن بوصفه زعيماً معصوماً من الخطأ، ومن المتوقع أن يتبعوا توجيهاته بطاعة لا تقبل الشك. ومثلها مثل الممارسات القسرية لحركة أوشو، اتُّهم تنظيم غولن باستخدام التلاعب النفسي والابتزاز والتلقين، للحفاظ على قبضته على الأعضاء. والهدف النهائي هو التسلل إلى مؤسسات الدولة وتعزيز السلطة السياسية -وهو طموح ظهر بشكل جليّ في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016.

تمثل الصورة الخارجية للتنظيم، بوصفه مروجاً للتعليم، محاولةً لعكس استراتيجيات العلاقات العامة السابقة لحركة أوشو. ومع ذلك، فكما جرى الكشف في النهاية عن أنشطتها الشريرة في حركة راجنيش، خرجت أجندة تنظيم غولن الإرهابي الخفية للتخريب والاحتيال والاستغلال المالي إلى النور.

المدارس المستأجَرة غطاء للفساد

أحد أبرز أنشطة تنظم غولن في الولايات المتحدة هو تشغيله أكثر من 150 مدرسة مستأجَرة، مما يجعله يسيطر على أكبر شبكة مدارس مستأجَرة في البلاد. وقد تورطت هذه المدارس، التي أُنشئت في كثير من الأحيان تحت أسماء خادعة لإخفاء ارتباطاتها بغولن، في جدالات حول سوء الإدارة المالية والمحسوبية وإساءة استخدام الأموال العامة.

ومن بين التكتيكات البارزة التي يستخدمها تنظيم غولن الإرهابي، استغلال برنامج تأشيرة H-1B. فقد جرى جلب مئات المنتمين للتنظيم، الذين يفتقر عديد منهم إلى المؤهلات المناسبة، إلى الولايات المتحدة لشغل وظائف التدريس والإدارة في هذه المدارس.

كما يجري تلقين الطلاب أفكار التنظيم بطريقة خفية من خلال البرامج الثقافية والأنشطة اللامنهجية. وغالبًا ما تعمل هذه المنهجية، كآلية لنشر رؤية التنظيم الإرهابي العالمية وتعزيز نفوذه.

كما يقال إن الموظفين مطالبون بالتبرع بأجزاء من رواتبهم لمنظمة فتح الله غولن، مما يؤدي فعلياً إلى تحويل أموال دافعي الضرائب إلى الشبكة العالمية للمنظمة.

وعلاوة على ذلك، تورطت المدارس التابعة لتنظيم غولن الإرهابي في التلاعب بالعطاءات ومنح عقود مُبالَغ فيها لشركات مرتبطة بالتنظيم، وتحويل ملايين الدولارات المخصصة للتعليم إلى عملياتها السرية. وتتوافق هذه النتائج مع أنماط مماثلة لوحظت في حركة أوشو، إذ جرى إعطاء الأولوية للمكاسب المالية على المهمة الروحية أو التعليمية المزعومة.

استغلال نقاط الضعف في النظام التعليمي

تستهدف المدارس المستأجرة التابعة لتنظيم غولن في المقام الأول المجتمعات المحرومة، وتقدم نفسها على أنها مؤسسات تقدم تعليماً عالي الجودة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والإعداد للكليات. وهذا يمكّنها من تأمين التمويل العام واكتساب الثقة بين الآباء والمسؤولين المحليين. ومع ذلك، كشفت التحقيقات والمبلغون عن المخالفات عن أن هذه المدارس تعمل غالباً مراكز تجنيد لآيديولوجية تنظيم غولن الإرهابي.

تهديد للأمن القومي الأمريكي

تمتد أنشطة تنظيم غولن الإرهابي إلى ما هو أبعد من قطاع التعليم، من خلال شبكة من مراكز الفكر والمنظمات غير الربحية وجهود الضغط، حيث يسعى التنظيم بنشاط إلى تشكيل السياسة الأمريكية والرأي العام لصالحه. غالباً ما يصور نفسه على أنه ضحية للاضطهاد السياسي في تركيا، مما يحوِّل الانتباه عن أنشطته غير المشروعة ويزرع الدعم بين الساسة والمثقفين الأمريكيين.

هذا التسلل إلى الأنظمة الأمريكية يشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي، فمن خلال إساءة استخدام الأطر القانونية والمالية للبلاد، يعمل تنظيم غولن على تقويض الثقة بالمؤسسات العامة، في حين تمول أجندتها الأوسع نطاقاً. ويشكل تاريخ التنظيم في التخريب في تركيا تحذيراً صارخاً من المخاطر التي قد تشكلها إذا تُركت دون رادع في الولايات المتحدة.

المعارضة العلنية لترمب

يمتد تورط تنظيم غولن الإرهابي في السياسة الأمريكية إلى حملات مستهدفة ضد الأفراد الذين تعدهم عقبات أمام أجندتها. وكان الرئيس دونالد ترمب هدفاً ثابتاً لانتقادات تنظيم غولن، حيث استخدم أعضاؤها البارزون وسائل التواصل الاجتماعي والمنافذ الإعلامية التابعة لها لتشويه سمعته.

فعلى سبيل المثال، انتقد عضو تنظيم غولن الإرهابي أحمد بوزكوش النظام السياسي الأمريكي في منشور عام 2019، قائلاً: "الديمقراطية الأمريكية غير المتطورة تريد عزل ترمب. الوصاية هي الحل!".

وبالمثل، في منشور في أغسطس/آب 2024، كتب عضو آخر هو إرجون باباهان: "لقد فقد ترمب عقله تماماً ومن المرجح أن يخسر الانتخابات بشكل كبير".

إن ازدراء باباهان لترمب موثق، بما في ذلك منشوره عام 2023 الذي زعم فيه أن "القضاة المحافظين الذين عيَّنهم ترمب يقتلون الولايات المتحدة"، وتغريدة في عام 2020 تندد بمحاولات ترمب للتأثير على عدد الأصوات، ووصفها بأنها "محرجة في تاريخ الديمقراطية".

كما صرح كوزات ألتاي، وهو شخصية بارزة أخرى في تنظيم غولن الإرهابي قائلاً إن "ترمب هو الرئيس الأكثر ديكتاتورية على الإطلاق". فيما وصف إيفي جامان، ترمب، باستخدام مصطلحات مثل "كاذب، ونرجسي، وعادي، وشعبوي".

بالإضافة إلى ذلك، قال نديم هزار المنتمي إلى التنظيم: "مع ترمب، سيبلغ تأثير الفاشية العالمية ذروته!"، وكانت منشورات سعيد سيفا أكثر سخرية؛ فقد أشار إلى ترمب بوصفه "عُرف الديك،" ووصف رئاسته بأنها "مصدر تشجيع للأميين والذكوريين والفاشيين".

ورددت سيفجي أكارتشيشمي مشاعر مماثلة، واصفةً ترمب بأنه "أنانيّ يواصل تقويض الديمقراطية بشدة بالوسائل الديمقراطية".

كما عززت أكارتشيشمي السرديات المناهضة لترمب من خلال إعادة تغريد عديد من المنشورات التي تنتقد رئاسته.

وبالإضافة إلى ذلك، كتب الكاتب المنتمي إلى تنظيم غولن الإرهابي، أوغور تيزجان، في مقال: "إن جميع القادة الاستبداديين وأنصارهم، واليمين المتطرف، والدوائر الفاشية في جميع أنحاء العالم ينتظرون بفارغ الصبر رئاسة ترمب الجديدة". وفي الوقت نفسه، هاجم آدم يافوز أرسلان، ترمب باستمرار في منشوراته وبثوثه، مما سلَّط الضوء بشكل أكبر على معارضة تنظيم غولن الإرهابي الممنهجة للرئيس المنتخب.

اليقظة هي المفتاح

وجود تنظيم غولن الإرهابي في الولايات المتحدة هو مثال واضح على كيفية استغلال التنظيمات الشبيهة بالطوائف للأنظمة الديمقراطية لتحقيق مكاسبها الخاصة. وفي حين يعمل التنظيم ظاهرياً على تعزيز التعليم والحوار بين الأديان، فإن تاريخه الموثق من الفساد والتلاعب والتخريب يروي قصة مختلفة تماماً.

ولحماية الموارد العامة والأمن القومي، يتعين على السلطات الأمريكية مراقبة أنشطة تنظيم غولن الإرهابي من كثب، ومحاسبة التنظيم على أفعاله المشينة. ومن خلال إدراك أوجه التشابه بينه وبين الطوائف الأخرى وخطابه المناهض لترمب باستمرار، يمكن لصناع السياسات فهم الدوافع الحقيقية لتنظيم غولن الإرهابي بشكل أفضل واتخاذ الخطوات اللازمة لمنع مزيد من الاستغلال.

وتمثل تصرفات تنظيم غولن الإرهابي تحذيراً من مخاطر السلطة غير المقيدة، مما يؤكد أهمية اليقظة في حماية القيم الديمقراطية.

TRT عربي - وكالات