برميل بارود هي مياه الخليج في هذه الأيام آيل للانفجار في أي لحظة بمواجهة طاحنة بين إيران والتحاف الغربي، والسبب في التوتر المتصاعد إلى هذا الحد تزايُد الهجمات على ناقلات النفط التي تتوجه أصابع الاتهام بالضلوع فيها إلى بحرية طهران ومليشياتها.
فلم يمرّ إلا خمسة أيام عن استهداف الناقلة الإسرائيلية "ميرس ستريت"، بما قيل إنه طائرة مسيرة مفخخة مجهولة الهوية بما أدَّى إلى وفاة اثنين من طاقمها، فيما اتهمت كل من أمريكا وإسرائيل وبريطانيا إيران بالوقوف وراءها، حتى أشارت أنباء إلى اختفاء ناقلة النفط البريطانية "أسفلت برنسيس" قبالة السواحل الإماراتية، مما روّج فرضيّة الاختطاف، قبل أن تعود سلطات لندن لتأكيد أن المختطفين الإيرانيين غادروا السفينة.
رداً على ذلك تَوعَّد رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت بأن "زمن الجلوس بكل راحة في طهران وإشعال الشرق الأوسط بأسره من هناك انتهى"، وقال ضابط رفيع المستوى في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إنه "توجد نية لتوجيه ضربة موجعة إلى إيران بالتعاون مع حلفائنا في المنطقة والولايات المتحدة والجيش البريطاني". في المقابل أكّد بيان الخارجية الإيرانية أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتردّد في الدفاع عن أمنها ومصالحها القومية، وستردّ فوراً وبحسم على أي مغامرة محتمَلة"، في تَحدٍّ يُبقِي السؤال مطروحاً حول مدى قدرة البحرية الإيرانية على مواجهة أساطيل التحالف الغربي.
أسطول ضخم ومليشيات بحرية
حسب تقارير إعلامية فإن الأسطول الإيراني يضمّ نحو 398 قطعة بحرية، موزَّعة بين سفن سطحيَّة وفرقاطات وحارقات وزوارق خفيفة. مواقع تمركزها بالأساس في مياه الخليج ومياه بحر العرب، ومن حين إلى آخر تُرصَد قطع منها في سواحل مختلفة من العالم. كذلك يتوفر على 34 غواصة، و88 من سفن الدوريات "كورفيت" السريعة.
وتتكئ طهران كذلك على مليشياتها البحرية، في الأساس ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، غير أن قواته بالأساس مكوَّنة من الزوارق الخفيفة التي يزيد أسطولها في الوقت الراهن على 700 قطعة، والقادرة على حمل صواريخ وإطلاق مقذوفات ودعم عمليات الغوص.
وقد أعلنت بحرية الحرس الثوري في فبراير/شباط الماضي عن تَسلُّمها 340 قارباً سريعاً محلي الصنع. وصرَّح وقت ذاك قائد الأركان الإيراني اللواء محمد باقري، خلال مراسم تسلُّم هذه القوارب، أن "القوات البحرية في الحرس الثوري هي الضامنة لأمن ومصالح إيران في مياه الخليج ومضيق هرمز"، متوعداً بأن "طهران لن تدّخر جهداً للدفاع عن مياه الخليج وبحر عمان في مواجهة أي عدوان".
فيما تعتمد إيران في تسليح أسطولها البحري على الصناعة المحلية، إذ يُذكر قبل شهرين تسلُّمها المدمرة "دنا"، في حفل لقي زخماً كبيراً، وتوجساً على الجانب الآخر للخصوم، إذ تتوفر "دنا" على مهبط مروحية ومنصات إطلاق صواريخ. في المقابل خسرت إيران قبلها بيومين سفينة حربية كبيرة إثر حريق وصف بـ"الغامض"، بما يُشيع الشكوك حول جاهزية البحرية الإيرانية وجودة تسليحها. كما أن تركيبة أسطولها لا تمنحها الأفضلية في المواجهات المباشرة، بقدر ما تمكّنها من إحراز انتصارات في حرب العصابات البحرية نظراً إلى اعتمادها الكبير على الزوارق الصغيرة السريعة والقادرة على المناورة.
قوة الغرب الضاربة للتحالف
مقارنة بالبحرية الملكية البريطانية، فالأسطول الإيراني يتفوق من ناحية العدد، 398 قطعة مقابل 76، لكن إذا ما وجّهنا النظر لإلى التركيبة فسنجد مكمن الأفضلية البريطانية، فلندن تتوفر على حاملة طائرات لا تمتلك طهران أياً منها، وتمتلك 13 كاسحة ألغام مقابل 3 فقط لإيران، كما تتوفر على 6 مدمرات في أعلى جاهزية، ولا تتوفر إيران إلا على واحدة تسلمتها مؤخراً.
الأسطول البريطاني في حال أي مواجهة مع إيران سيكون حاضراً، لكن القوة البحرية الكبرى الحاضرة في المنطقة هي القوة الأمريكية، إذ يتمركز الأسطول الخامس للولايات المتحدة في عُرض مياه الخليج ومضيق هرمز وبحر العرب. وتتكون القوة الضاربة لهذا الأسطول من حاملتَي طائرات، و20 سفينة، و103 طائرات مقاتلة، وطاقم يناهز 20 ألف عنصر. فيما يشكل هذا الأسطول وحلفاؤه في تلك المنطقة قوة قوامها 30 سفينة و300 طائرة مقاتلة، وطاقم من 35 ألف عنصر.
وغير بعيد عن الأسطول الخامس، يتمركز الأسطول السادس الأمريكي في مياه المتوسط. فرضياً هو الآخر سيكون ضمن أي مواجهة محتملة مع إيران، كدعم لنظيره الخامس، أو إذا ما نُقلت المواجهة البحرية إلى المتوسط انطلاقاً من الساحل السوري اللبناني. وتتكون قوة الأسطول السادس الأمريكي من حاملة طائرات، و60 مدمرة "سكوادرون"، و40 سفينة، و175 طائرة مقاتلة، وطاقم من 21 ألف عنصر.
كل هذه القوة مجتمعة، تُضاف إليها البحرية الإسرائيلية، التي تتكون من 7 حارقات "كورفيت"، و8 فرقاطات، ومدمرتين، و5 غواصات، و45 قارب دوريات. كما يبلغ جنود بحريتها 10 آلاف جندي في الخدمة، ومثلهم في الاحتياط. فيما تتوزع القوات البحرية العربية كما يلي: السعودية بـ55 قطعة بحرية ضمنها 7 فرقاطات و4 طاردات، والإمارات بـ75 قطعة ضمنها 9 طاردات وكاسحتا ألغام، وقطر بـ80 قطعة بحرية معتمدة أساساً على السفن الدورية، والكويت 80 قطعة بحرية.