تشهد أكثر من أربعين دولة حول العالم يبلغ إجمالي عدد سكانها أربعة مليارات نسمة، أي قرابة نصف سكان الأرض، انتخابات خلال عام 2024، منها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرلمان الأوروبي وبنغلاديش وتايوان وفنزويلا والمكسيك وباكستان وإندونيسيا والنمسا وبريطانيا والبرتغال.
في بعض الحالات، ستكون أهمية الانتخابات مقتصرة على البلد نفسه، ولكن تتعدى ذلك في دول أخرى، إذ تشمل أهميتها العالم والدول المجاورة لتلك البلدان، ومستقبل النظام الدولي.
ووفق صحيفة الغارديان البريطانية، فإنه "من المقرر أن تعقد أكثر من 40 دولة، تمثل أكثر من 40% من سكان العالم وجزءاً كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، انتخابات وطنية في عام 2024".
يسلط هذا التقرير الضوء على أبرز الدول التي تجرى فيها الانتخابات وأهم المرشحين.
تايوان.. انتخابات تراقبها الصين
تعقد الانتخابات الرئاسية التايوانية في 13 يناير/كانون الثاني، وقد يؤدي التنافس بين ثلاثة من رؤساء البلديات السابقين على المنصب إلى عواقب جيوسياسية هائلة، وفق ما يقول مجلس العلاقات الخارجية (مركز أمريكي).
وأضاف أن "الرئيسة التايوانية تساي إنغ ون تكمل فترة ولايتها الثانية، وبموجب القانون، لا يمكنها الترشح لولاية ثالثة، والسؤال هو من سيخلفها؟".
ويرجح أن الرهان يذهب إلى نائب الرئيس الحالي وزميل تساي في الحزب التقدمي الديمقراطي، لاي تشينغ تي، وكان هذا الأخير في السابق عمدة مدينة تاينان، رابع أكبر مدينة في تايوان.
المعارضون الرئيسيون له هم "هو يو-إيه" من حزب الكومينتانغ (KMT) وكو ون جي، مؤسس حزب الشعب التايواني (TPP).
وتعتبر هذه الانتخابات والتطورات في تايوان مهمة بالنسبة إلى الصين التي تراقبها على الدوام، إذ تعتبر الجزيرة المذكورة جزءاً من أراضيها.
باكستان.. منافسة بين خان وشريف
تجرى الانتخابات الباكستانية في 8 فبراير/شباط، ويحق لنحو 127 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة المقبلة.
وسيجري إصدار القائمة النهائية للمرشحين المؤهلين للمشاركة في 11 يناير/كانون الثاني الجاري، بعد الانتهاء من عمليات التدقيق والطعون.
وقال رئيسا الوزراء السابقان عمران خان ونواز شريف إنهما سيقدمان أوراق ترشيحهما رغم حظر مشاركتهما بسبب إدانات قضائية، وينتظر كلاهما قرار محاكم أعلى درجة قد يسمح لهما بالمشاركة.
وكان القضاء الباكستاني قد حكم بإطلاق سراح خان مقابل كفالة في قضية يشتبه فيها بأنه سرّب وثائق سرية، إلّا أنه باقٍ في السجن لتهم أخرى منسوبة إليه، حسب محاميه.
بينما عاد رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف إلى بلاده في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد حوالي أربع سنوات في منفاه الاختياري في لندن للترشح للانتخابات، إذ أُدين شريف في عام 2018 بتهم فساد، أنكرها بدوره، في قضيتين وحُكم عليه بالسجن لمدة 14 عاماً.
إندونيسيا.. الحظوظ الأوفر لوزير الدفاع
وفي 14 فبراير/شباط، تعقد الانتخابات العامة في إندونيسيا التي يبلغ عدد سكانها 275 مليون نسمة خلال يوم واحد.
ويحكم البلاد الرئيس جوكو ويدودو الذي فاز عام 2019 بولاية جديدة، لكن الدستور يمنعه من الترشح لولاية ثالثة.
والمرشحون الثلاثة الرئيسيون ليحلوا محله هم وزير الدفاع، برابوو سوبيانتو، الذي يعد الأوفر حظاً، وغانجار برانوو الذي عمل حاكماً لجاوة الوسطى ثالث أكبر مقاطعة في البلاد، وأنيس باسويدان، حاكم جاكرتا.
وحسب وكالة "رويترز"، عزّز سوبيانتو تقدمه في استطلاعات الرأي بعد أن شارك المرشحون في مناظرات متلفزة، بينما سبق أن أظهر استطلاع للرأي أُجري في الفترة من 23 إلى 24 ديسمبر/كانون الأول نشرته مؤسسة "إنديكاتور بوليتيك إندونيسيا" أن سوبيانتو سيحصل على 46.7% من الأصوات.
روسيا.. بوتين يترشح لولاية خامسة
وفي روسيا، رشح الرئيس فلاديمير بوتين نفسه رسمياً للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مارس/آذار المقبل.
وقدم بوتين أوراق ترشحه للجنة الانتخابات المركزية، حسب بيان صدر عن قصر الكرملين. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول الحالي أعلن الرئيس الروسي عزمه الترشح للرئاسة، والذي تنتهي ولايته الحالية في 7 مايو/أيار المقبل.
وبموجب الإصلاحات الدستورية التي جرى إقرارها عام 2020، يحق لبوتين (71 عاماً) أن يتولى فترتين إضافيتين مدة كل منهما 6 سنوات، ما يعني أنه يمكنه البقاء بمنصبه حتى عام 2036.
يُشار إلى أن بوتين قد فاز بآخر انتخابات رئاسية شهدتها روسيا في عام 2018، بعد حصوله على 76,69% من الأصوات. لكن في أعقاب فرض رقابة صارمة على النظام السياسي في روسيا، أصبح فوز بوتين في الانتخابات شبه مؤكد، حسب وكالة أسوشيتد برس.
الهند.. حزب بهاراتيا جاناتا في الصدارة
تتجه أنظار 1.4 مليار هندي، وأولئك الذين يراقبون من الخارج، إلى الانتخابات العامة في البلاد، والتي من المتوقع أن تُعقَد على مدى أسابيع عدة في شهرَي أبريل/نيسان ومايو/أيار.
وسينتخب الهنود أعضاء البرلمان الوطني الثامن عشر، وسيعمل الحزب أو الائتلاف الذي يسيطر عليه بدوره على اختيار رئيس الوزراء.
قدمت نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت في 3 ديسمبر/كانون الأول دفعة كبيرة لحزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه رئيس الوزراء المتطرف ناريندرا مودي، وفق مركز كارنيغي لدراسات السلام.
وبيّن المركز أن "هذه النتائج تؤكد ما هو معروف بالفعل: فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية لعام 2024، يظل حزب بهاراتيا جاناتا في المركز الأول بقوة، وهذه الميزة مدفوعة في الأساس بالشعبية المستمرة التي يتمتع بها مودي".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، فاز حزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات في ثلاث ولايات هندية، ما يدل على أن رسالة الحزب لا تزال تلقى صدى لدى الناخبين.
وينافس بهاراتيا جاناتا، حزب المؤتمر الوطني، الذي هيمن على السياسة الهندية طوال العقود الستة الأولى من عمر البلاد ولكنه تلاشى منذ ذلك الحين.
المكسيك.. منافسة بين امرأتين للمرة الأولى
من المقرّر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في المكسيك في الثاني من يونيو/حزيران، حيث ستشهد منافسة بين امرأتين للمرة الأولى في تاريخ البلاد، بعدما سمّى حزب "مورينا" الحاكم مؤخراً رئيسة بلدية مكسيكو السابقة كلاوديا شينباوم مرشحةً له.
وستواجه شينباوم (61 عاماً) العضو في مجلس الشيوخ سوتشيل غالفيس (60 عاماً) التي أصبحت مرشحة المعارضة في الانتخابات الرئاسية.
ويُرجّح أن تخلف إحداهما عام 2024، الرئيس المنتهية ولايته أندريس مانويل لوبيز أوبرادور لقيادة ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية.
البرلمان الأوروبي.. أكبر عملية تصويت عابرة للحدود
وفي الشهر نفسه، وتحديداً بين 6 و9 يونيو/حزيران، تُجرى انتخابات البرلمان الأوروبي، المؤسسة التي تتمتع بالكلمة الفصل في اختيار الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، القوة الحقيقية للاتحاد الأوروبي، إذ تجري الانتخابات كل خمس سنوات وعلى مدى أربعة أيام، وتعتبر أكبر عملية تصويت عابر للحدود في العالم.
ولم تعلن أورسولا فون دير لاين بعد ما إذا كانت تنوي الترشح لولاية ثانية مدتها خمس سنوات كرئيسة أم لا.
وسيختار مواطنو الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي 720 برلمانياً للعمل في الفترة من 2024 إلى 2029، وهذا يزيد بـ15 مقعداً عن العدد الموجود في البرلمان الأوروبي الحالي، الذي انعقد في عام 2019.
ويقول مجلس العلاقات الخارجية إنه "يحق لأكثر من 400 مليون أوروبي التصويت، ما يجعل الانتخابات البرلمانية للاتحاد الأوروبي ثاني أكبر انتخابات في العالم بعد الانتخابات الوطنية في الهند".
الولايات المتحدة.. حظوظ بايدن في أدنى مستوياتها
إلى ذلك، يتنافس ستة مرشحين جمهوريين ليحظوا بترشيح حزبهم للرئاسة في الانتخابات العامة المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، في حين أن الرئيس الحالي جو بايدن هو المرشح الأبرز للحزب الديمقراطي.
ويعتبر الرئيس السابق دونالد ترمب أبرز الجمهوريين، والذي يعد الأوفر حظاً للترشيح من قبل حزبه، تنافسه سفيرته السابقة لدى الأمم المتحدة والحاكمة السابقة لكارولينا الجنوبية النائبة نيكي هايلي.
ومن الجمهوريين كذلك، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، و3 شخصيات أخرى هم رجل الأعمال فيفيك راماسوامي ومستشار حملة ترمب سابقاً كريس كريستي وحاكم أركنساس السابق آسا هاتشينسون.
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس أن شعبية بايدن اقتربت من أدنى مستوياتها خلال رئاسته هذا الشهر، في علامة على التحديات المقبلة أمام محاولة إعادة انتخابه رئيساً.
جنوب إفريقيا.. انخفاض شعبية الحزب الحاكم
لم يتحدد حتى الآن موعد الانتخابات العامة في جنوب إفريقيا، البلد الذي عُرف بالانتقال من نظام الفصل العنصري إلى آخر ديمقراطي فاعل.
ويقول مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إنه "على مر السنين، فشلت حكومة جنوب إفريقيا في تحقيق النتائج التي يتوقعها العديد من الناخبين، في حين بدا زعماء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي هيمن على السياسة في البلاد لمدة ثلاثة عقود، أكثر اهتماماً بتقوية نفوذهم من حل مشاكل البلاد".
وأضاف المجلس أن "انتخابات 2024 ربما تؤدي إلى وقف هذا الانحدار أو تسريعه، إذ تُجرى الانتخابات بموجب قواعد انتخابية جديدة من شأنها أن تسهل تحدي الوضع الراهن، فمن بين أمور أُخرى، يمكن للمرشحين المستقلين الآن الترشح للمناصب".
ويجب على حزب "المؤتمر الوطني" الإفريقي أن يشعر بالقلق، إذ انخفض دعمه إلى أقل من 50% للمرة الأولى في انتخابات 2021، ويعكس هذا الانخفاض مزاعم الفساد واسعة النطاق ضدّ مسؤولي الحزب، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة، وبطء النمو الاقتصادي، وتدهور البنية التحتية، وفق المجلس.
ورغم هذه الأخبار السيئة، فمن المرجح أن يسعى رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الذي واجه هو نفسه اتهامات بالفساد، لولاية ثانية.
ويأمل التحالف الديمقراطي، وهو أكبر حزب معارض في جنوب إفريقيا، في إحداث صدمة للعالم وانتزاع السلطة من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي من خلال التعاون مع أحزاب المعارضة الأخرى.