أعلن المهندس والعالم المغربي رشيد اليزمي وصوله إلى اختراع ثوري آخر، سينقل مجال بطاريات الكهرباء إلى مستوى آخر من الاستخدام، وهو شاحن يمكن له شحن البطارية في أقل مدة ممكنة، لا تتعدى حسب تقدير العالم خمس دقائق.
وليس بالغريب هذا الاختراع لأحد أبرز العقول في العصر الحالي، وهو الذي له الفضل في اختراع بطاريات الليثيوم التي غيَّرت حياة البشرية إلى الأبد، وباتت البشرية تعتمد عليها في كل الأجهزة القابلة للشحن، من الهواتف النقالة والحواسيب إلى السيارات.
أبّ بطاريات الليثيوم
في فاس، عام 1953، ولد رشيد اليزمي وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، وبدأ حياته الجامعية في جامعة "محمد الخامس" في الرباط عام 1971، وكانت كلية العلوم الوحيدة وقتها في المغرب، حيث درس لموسم واحد. وفي حوار سابق يقول اليزمي عن هذه المرحلة: "هذا العام (الذي قضاه بكلية الرباط) كان صعباً بعض الشيء بفعل التوتر والاضطراب السياسي الذي كان يمر به المغرب خلال هذه المرحلة بسبب محاولة الانقلاب وكذا المظاهرات الطلابية".
هي ظروف دفعت اليزمي مكرهاً إلى أن يغادر تراب بلده عام 1972، نحو فرنسا، حيث بدء رحلة عملية جديدة كانت مقدمة لسطوع نجم المخترع المغربي في العالم. وفي فرنسا تابع دراسته أولاً بالأقسام التحضيرية للمدرسة العليا للهندسة بمدينة روان، بعدها التحق بالمعهد الوطني للبوليتيكنيك بغرونوبل والذي يعد أرقى معهد للهندسة بالبلاد.
في عام 1979، وضمن بحثه لنيل الدكتوراه، بدأ اليزمي أول أبحاثه عن معدن الغرافيت الذي يعد أحد أهم المكونات في بطاريات الليثيوم، إذ اكتشف التقنية الثورية التي تجعل تلك البطارية قابلة للشحن.
يقول اليزمي: "خلال ستة أشهر قبل انتهاء السنة، اكتشفت أن الغرافيت يندمج مع الليثيوم، ليعطي القطب السالب المستعمل في بطاريات الليثيوم، كي تصبح قابلة للشحن، بين 1979 و1980 حدث ذلك الاكتشاف، كنت سعيداً بهذا الاكتشاف لأنه كان الأول من نوعه في التاريخ، بحيث اكتشفنا ان الغرافيت يمكنه الاندماج في قلب البطارية ويمكن استعماله قطباً".
هذا الاكتشاف الذي يضاهي في قيمته اكتشاف النار، أهّل اليزمي للقب "أبّ بطاريات الليثيوم"، كما فتح أمامه أبواب مسيرة حافلة من الاكتشافات والاختراعات القيمة الأخرى. وبذلك مثّل اليزمي واحداً من أبرز الباحثين في "المعهد الوطني للبحث العلمي" في باريس، الذي عمل مديراً للبحوث فيه بين عامي 1998 و2007.
كما عمل العالم المغربي في جامعات دولية مرموقة في عدد من دول العالم، كجامعة "كيوتو" اليابانية ومعهد "كاليفورنيا للتقنية" الأمريكي. وتعاون في مجال البحث مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، في برنامج يهدف إلى إرسال مركبات فضائية تعمل بالبطاريات القابلة للشحن إلى كوكب المريخ. وتُوّجت تلك البحوث عام 2005، بإرسال مركبة إلى المريخ تستعمل بطاريات ليثيوم تشحن بالطاقة الشمسية، لأول مرة.
وحاز على جوائز وأوسمة عدة تكريماً لمجهوداته المعرفية، من أبرزها وسام "جوقة الشرف" في فرنسا، والوسام الملكي للكفاءة الفكرية من ملك المغرب. كما نال في 2014 جائزة "دريبر" التي تمنحها الأكاديمية الأمريكية للهندسة في العاصمة واشنطن
اختراع ثوري جديد
في السنوات الأخيرة، يركز اليزمي مجهوده البحثي في تقنيات شحن بطريات الليثيوم، ورهانه هو أن يتوصل إلى تكنولوجيا تمكن من شحن تلك البطاريات في أسرع مدة وبشكل آمن. وفي هذا توصل إلى اختراع تقنية شحن كامل لبطارية السيارات الكهربائية في أقل من 20 دقيقة، وهي المعتمدة حاليّاً في معظم السيارات في العالم.
شحن في خمس دقائق
وأعلن العالم المغربي، مطلع شهر سبتمبر/أيلول الجاري، بأنه يعتزم وضع براءة اختراع لشاحن قادر على شحن بطارية ليثيوم في خمس دقائق. وهي أسرع مدة شحن مسجلة في العالم، وأقل بنسبة 17% من التوقيت السابق الذي سجله العالم ذاته، قبل عام تقريبا، عندما وصل إلى مدة 6 دقائق.
وفي هذا الصدد، أوضح اليزمي، في حديثه إلى موقع "SNRTnews" المغربي، أن التقنية الجديدة تعتمد على تدبير لتيار الكهرباء في البطارية بدلاً من التركيز على ضغطها الكهربائي، وهي التقنية المسماة "الفولت غير الخطي".
مضيفاً أن "الطريقة التقليدية في شحن البطاريات تتطلب لتعبئة من بين 20 إلى 80%، مدة زمنية لا تقل عن نصف ساعة، في حين تمكّن التقنية الجديدة شحن بطارية بنسبة 100% في توقيت لا يتعدى 15 دقيقة، وأن الأبحاث الأخيرة، حطمت الرقم القياسي في الشحن، بعد أن نجحت التجارب في شحن بطارية ليثيوم في خمس دقائق". مؤكداً أنها تعمل على كل بطاريات الليثيوم "من هواتف الذكية إلى سيارات تسلا".